للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثلُه قولُه: «وقد رُوِيَ عن رسولِ الله بتَصحيحِ ما قُلنا في ذلك خبرٌ في إسنادِه نَظَرٌ، وذلك ما حدَّثنا .. » (١)، وكذا قولُه: «وقد رُوِيَ عن رسولِ الله بنحوِ الذي قُلنا خبرٌ، وإنْ كانَ بعضُ نَقَلَتِه يَقِفُ به على ناقِلِه عنه مِنْ الصَّحابةِ»، ثُمَّ أَوْرَدَه، وقالَ: «وقد وَقَفَ هذا الحديثَ بعضُهُم على أبي هريرة»، ثُمَّ أَوْرَدَه مَوْقوفاً (٢).

وهذا يدلُّ على أنَّ مُرادَه بما لا يُحتجُّ به نوعٌ مِنْ الضَّعيفِ؛ ليس مِنْ جنسِ ما استدلَّ به هاهنا، وهو: ما ظهرتْ نكارتُه، أو بان كذِبُ راويه، أو ناقضَ ظاهرَ الكتابِ، أو ما ثبتَ به الخبرُ عن رسولِ الله . وهذا ما رأيتُه مُطَّرِداً في عامَّةِ ما استدلَّ به مِنْ هذا النَّوعِ مِنْ الحديثِ. ومِن أمثلَةِ ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحج: ١]، حيثُ ذكرَ قولَ علقمةَ (ت: ٦٢) والشَّعبي (ت: ١٠٣): أنَّ ذلك قبل السّاعةِ، ثُمَّ قالَ: «وقد رُوِيَ عن النَّبي بنحوِ ما قالَ هؤلاءِ خبرٌ في إسنادِه نظرٌ» (٣)، ثُمَّ ذكرَه وقالَ: «وهذا القَولُ الذي ذكَرْناه عن عَلْقمةَ والشَّعبيِّ ومَن ذكَرْنا ذلك عنه = قَولٌ، لولا مجيءُ الصِّحاحِ مِنْ الأخبارِ عن رسولِ الله بِخِلافِه؛ ورسولُ الله أَعلَمُ بمعاني وَحيِ الله وتَنزيلِه، والصَّوابُ مِنْ القولِ في ذلك ما صَحَّ به الخَبرُ عنه» (٤)، ومثلُ ذلك اختيارُه في قولِه تعالى ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ﴾ [الواقعة: ٣٩ - ٤٠] أنَّ المُرادَ: جماعةٌ مِنْ الذين مضَوا قبلَ أُمَّةِ


(١) جامع البيان ٨/ ٣٨٣.
(٢) جامع البيان ٨/ ٧٣٤. وينظر: ٣/ ٧١٦، ٦/ ٥٥٧، ١٥/ ٢٩، ١٩/ ٣٧٥.
(٣) جامع البيان ١٦/ ٤٤٧.
(٤) جامع البيان ١٦/ ٤٤٩.

<<  <   >  >>