للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمدٍ ، وجماعةٌ مِنْ أُمَّةِ محمدٍ . ثُمَّ قالَ: «وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قالَ أهلُ التَّأويلِ، وجاءَتْ به الآثارُ عن رسولِ الله ) (١)، ثُمَّ ذكرَها، وقالَ: «وقد رُوِيَ عن النَّبي خبرٌ مِنْ وجهٍ غيرِ صحيحٍ، أنَّه قالَ: «الثُّلَّتان جميعاً مِنْ أُمَّتي» (٢) (٣).

و ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في هذا موافِقٌ لِما عليه الأئِمَّةُ مِنْ أهلِ الحديثِ والرِّوايةِ، فقد نصّوا على اختِصاصِ علمِ التَّفسيرِ بنوعٍ مِنْ الرِّوايةِ في الأعَمِّ الأغلَبِ، كما في قولِ أحمدَ بن حنبل (ت: ٢٤١): «ثلاثةُ كتبٍ ليسَ لها أصولٌ؛ المغازي، والملاحِمُ، والتَّفسيرُ» (٤)، قالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨) مُبيِّناً تلك العِبارةَ: «ويُروى: ليسَ لها أصلٌ. أي: إسنادٌ؛ لأنَّ الغالبَ عليها المراسيلُ .. ، والمراسيلُ إذا تعدَّدت طُرُقها، وخَلَت عن المواطأةِ قصداً، أو الاتفاقِ بغيرِ قصدٍ = كانَت صحيحةً قطعاً» (٥)، وقالَ أيضاً: «ومعنى ذلك أنَّ الغالِبَ عليها أنَّها مُرسلَةٌ ومُنقطِعةٌ، فإذا كانَ الشيءُ مشهوراً عند أهلِ الفَنِّ قد تعدَّدت طُرُقه، فهذا مِمّا يَرجِعُ إليه أهلُ العِلمِ، بخِلافِ غيرِه» (٦).

وقد كانَ ذلك مِنْ أسبابِ إعراضِ بعضِ الأئمَّةِ عن الاستكثارِ مِنْ


(١) جامع البيان ٢٢/ ٣٣٠.
(٢) أخرجه ابن عدي في الكامل ٢/ ٦٧، وضَعَّفَه بأبان بن أبي عيّاش، وهو متروكٌ، مُنكرُ الحديث. قال الدارقطني (ت: ٣٨٥): هذا حديثٌ لم يثبُتْ. يُنظر: تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف، للزيلعي ٣/ ٤٠٤، وتهذيب التهذيب ١/ ٥٥.
(٣) جامع البيان ٢٢/ ٣٣٠. وينظر في غيرِها من الأمثلةِ: ٦/ ٤٩٨، ٨/ ١٢٢، ١١/ ٣١٤.
(٤) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٢٣١.
(٥) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٤٦.
(٦) تلخيص كتاب الاستغاثة ١/ ٧٦.

<<  <   >  >>