للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرويّاتِ التَّفسيرِ؛ لغلَبَةِ المَقطوعِ فيها، فقد نقلَ الذَّهبيُّ (ت: ٧٤٨) قولَ مالكِ بن أنس (ت: ١٧٩): «نِعمَ الرَّجلُ معمرَ كانَ، لولا روايتُه التَّفسيرَ عن قتادةَ» (١)، ثُمَّ علَّقَ بقولِه: «قلتُ: يظهرُ على مالكٍ الإمامِ إعراضٌ عن التَّفسيرِ؛ لانقطاعِ أسانيدِ ذلك، فقلَّما روى مِنه، وقد وقعَ لنا جُزءٌ لطيفٌ مِنْ التَّفسيرِ مَنقولٌ عن مالك» (٢).

وهذه الخاصّيَّةُ في النَّقلِ استَلزَمَت خُصوصيَّةً في التَّعامُلِ والاستدلالِ، كما أشارَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨)، وكما في قولِه: «وهذا التَّفسيرُ هو تفسيرُ الوالبيِّ (٣)، وأمَّا ثُبوتُ ألفاظِه عن ابنِ عباسٍ ففيها نظَرٌ؛ لأنَّ الوالبيَّ لم يسْمَعه مِنْ ابنِ عباسٍ ولم يُدرِكْه، بل هو مُنقطِعٌ، وإنَّما أَخَذَ عن أصحابِه، كما أنَّ السُّدّي أيضاً يذكرُ تفسيرَه عن ابنِ مسعودٍ، وعن ابنِ عباسٍ، وغيرِهما مِنْ أصحابِ النَّبي ، وليسَتْ تلك ألْفاظُهُم بِعَيْنِها، بَلْ نقلُ هؤلاءِ شبيهٌ بنَقلِ أهلِ المغازي والسِّيَرِ، وهو ممّا يُستَشْهدُ به، ويُعتبَرُ به، ويُضَمُّ بعضُه إلى بعضٍ فيصيرُ حُجَّةً» (٤)، وقد كانَ هذا جليّاً في كلامِ الأئِمَّةِ قبلَه، كما في قولِ يحيى بن سعيد


(١) السِّيَر ٧/ ٩، ومُرادُه معمرَ بن راشدٍ الحافظَ المتوفى سنة (١٥٤).
(٢) المرجع السّابق.
(٣) يعني: عليّ بن أبي طلحةَ سالم بن المُخارق الهاشميّ، مولى بني العبّاسِ، اشتهرَت صحيفتُه عن ابنِ عبّاسٍ في التَّفسيرِ، واحتجَّ بها العلماءُ، وهي مِنْ أحسنِ الطُّرقِ عنه، ولم يَرَ ابنَ عبّاسٍ، وبينهما سعيدُ بن جبيرٍ (ت: ٩٥)، أو مجاهدُ (ت: ١٠٤)، أخرجَ له مسلمٌ حديثاً واحداً، والبُخاريُّ لا يُسمّيه وإنَّما يُعلِّقُ عن ابنِ عبّاسٍ بما هو مِنْ طريقِه، مات سنة (١٤٣). ينظر: تهذيب التهذيب ٣/ ١٧١، والعجاب في بيان الأسباب ١/ ٢٠٧، والإتقان ٦/ ٢٣٣١.
(٤) بيان تلبيس الجهمية ٥/ ٥٢١.

<<  <   >  >>