للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لإجماعِ الجميعِ على صِحَّةِ القَولِ به = أَوْلى» (١)، وقولِه بعدما أسْنَدَ حديثَ سلمانَ، عن النَّبي قالَ: «إذا أرسلَ الرجلُ كلبَه على الصَّيدِ فأدرَكَه وقد أكلَ مِنه، فليأكُلْ ما بَقي» (٢): «هذا خبرٌ في إسنادِه نَظَرٌ؛ فإنَّ سعيداً غيرُ معلومٍ له سماعٌ مِنْ سَلْمانَ، والثِّقاتُ مِنْ أهلِ الآثارِ يَقِفونَ هذا الكلامَ على سلْمانَ، ويَرْوونَه عنه مِنْ قِيلِه غيرَ مرفوعٍ إلى النَّبي ) (٣)، فردَّ القَولَ لضَعفِ دليلِه، ولأنَّه مُقابلٌ بما هو صحيحٌ ثابتٌ.

وذلك هو منهجُ سائِرِ الأئِمَّةِ في هذا البابِ، ومِن ذلك قولُ عبدِ الرحمن بن مهدي (ت: ١٩٨) (٤)، وأحمدَ بن حنبل (ت: ٢٤١): «إذا روَيْنا عن رسولِ الله في الحلالِ والحرامِ والسُّننِ والأحكامِ تشدَّدنا في الأسانيدِ، وإذا روَينا عن النَّبي في فضائِلِ الأعمالِ، وما لا يضعُ حُكماً ولا يَرفعُه تساهلنا في الأسانيدِ» (٥)، وقولُ ابن خزيمة (ت: ٣١١) في كتابه (التوحيد): «لسنا نحتجُّ في هذا الجِنسِ مِنْ العلمِ بالمراسيلِ المُنقطِعات» (٦)، وقولُ الحاكِمِ (ت: ٤٠٥): «وأنا بمشيئَةِ الله أُجري


(١) جامع البيان ٣/ ٧١٦.
(٢) أخرجه ابنُ جريرٍ في تفسيرِه ٨/ ١٢٢، وقال ابنُ كثيرٍ (ت: ٧٧٤) بعدما نقلَ كلامَ ابنَ جريرٍ (ت: ٣١٠) في تضعيفِه: «وهذا الذي قالَه ابنُ جريرٍ صحيحٌ، لكن قد رُوِيَ هذا المعنى مرفوعاً من وُجوهٍ أُخَر»، ثُمَّ ذكرَها. تفسيره ٥/ ٩٦.
(٣) جامع البيان ٨/ ١٢١ - ١٢٢.
(٤) عبدُ الرّحمن بن مهدي بن حسّان الأزديّ مولاهم، أبو سعيد البَصريّ، الإمامُ النّاقدُ، سيّدُ الحُفّاظ، مات سنة (١٩٨). ينظر: السير ٩/ ١٩٢، وتهذيب التهذيب ٢/ ٥٥٦.
(٥) دلائل النبوة، للبيهقي ١/ ٣٤، والكفاية في علم الرواية (ص: ١٦٣).
(٦) / ٢٢٤. وينظر: ١/ ٥١.

<<  <   >  >>