للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القَبولَ، فهذا الضِّربُ مِنْ الأحاديثِ لا يكونُ مُستعملاً في الأحكامِ، كما لا تكونُ شهادةُ من هذه صِفتُه مَقبولَةً عند الحكّام، وقد يُستعملُ في الدّعواتِ، والتَّرغيبِ والتَّرهيبِ، والتَّفسيرِ، والمغازي؛ فيما لا يتعلَّقُ به حُكمٌ» (١)، وقالَ الخطيبُ البغدادي (ت: ٤٦٣): «العُلماءُ قد احتجّوا في التَّفسيرِ بقَومٍ لم يحتجّوا بهم في مُسنَدِ الأحاديثِ المُتعلِّقةِ بالأحكامِ؛ وذلك لسوءِ حِفظِهم الحديثَ، وشُغلِهم بالتَّفسيرِ، فهُم بمثابَةِ عاصمِ بن أبي النَّجودِ، حيثُ احتُجَّ به في القراءاتِ دونَ الأحاديثِ المُسنداتِ؛ لِغَلَبةِ عِلمِ القُرآنِ عليه، فصرَفَ عنايتَه إليه» (٢).

كما أنَّ الغالِبَ على تلك الموقوفاتِ والمقطوعاتِ في التَّفسيرِ أنَّها نُسخٌ ووِجاداتٌ، والأصلُ فيما هذا شأنُه -إذا صَحَّ الكِتابُ- ألّا يُنظَرَ إلى ناقِلِه، وإنّما العِبرَةُ بمعناه. (٣)

ثالثَ عشر: يتشدَّدُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في الاستدلالِ بالحديثِ الضَّعيفِ في تقريرِ الأحكامِ؛ اعتقاديَّةً كانَت أو عمليَّةً، ولا يُورِدُ مِنه -إن أَورَدَ- سوى ما عضَدَه غيرُه مِنْ الأدلَّةِ؛ كما في قولِه بعد ذِكرِ بعضِ أحاديثِ الأحكامِ: «فهذا الخبَرُ وإن كانَ في إسنادِه ما فيه، فالقَولُ به؛


(١) دلائل النبوة ١/ ٣٣.
(٢) الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٢٨٦. وعاصم بن أبي النَّجودِ هو الكوفيّ الإمامُ المُقرئُ أحدُ السَّبعةِ، وقد استقرَّ الأمرُ على أنَّه حسنُ الحديثِ. مات سنة (١٢٨). ينظر: الجرح والتَّعديل ٦/ ٣٤٠، والكاشف ٢/ ٤٩.
(٣) ينظر: الكفاية في علم الرواية (ص: ٣٩١)، وتحرير علوم الحديث ١/ ١٥٤، وأسانيد نُسَخ التفسير (ص: ٥٩)، والتفسير النبوي (ص: ١١٣).

<<  <   >  >>