للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثيرٍ (ت: ٧٧٤): «في لفْظِه نَكارَةٌ شديدةٌ، وهو قَولُه بأنَّه مَقبوضٌ في تلك السَّنةِ. وهذا باطِلٌ؛ فإنَّ الفَتحَ كانَ في سنةِ ثمانٍ، في رَمَضَانَ مِنها، كما تقَدَّمَ بيانُه، وهذا ما لا خِلافَ فيه، وقد تُوفِّيَ رَسولُ الله في رَبيعٍ الأوَّلِ مِنْ سَنةِ إحْدى عشرَةَ، بِلا خِلافٍ أيضاً» (١)، ومثلُ ذلك صنيعُه عندَ قولِه تعالى ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ﴾ [البقرة: ٤٥] (٢)، حيثُ ذكرَ -ضِمنَ أدلَّةِ الاستعانةِ بالصَّلاةِ- حديثاً مُعلَّقاً بلا إسنادٍ، بصيغةِ التَّضعيفِ، فقالَ: «وكذلك رُوِيَ عنه أنَّه رأى أبا هريرةَ مُنبَطِحاً على بَطنِه، فقالَ له: «اشكَنْب دَرْد» (٣)، قالَ: نعم. قالَ: «قُمْ فَصَلِّ؛ فإنَّ في الصَّلاةِ شِفاءً» (٤)، وهو حديثٌ ظاهِرُ النَّكارةِ، إلا أنَّ في آخرِه شاهِدٌ على المعنى الذي استدلَّ له ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) بسواهُ مِنْ الأدلَّةِ الثّابتةِ. (٥)

وقد وجدتُ في معنى ذلك كلاماً للمُحقِّقِ محمود شاكر (ت: ١٤١٨)، أبانَ فيه منهجَ ابنَ جريرٍ (ت: ٣١٠) في نحوِ تلك الرِّواياتِ، فقالَ: «تبيَّنَ لي ممّا راجعتُه مِنْ كلامِ الطَّبري أنَّ استدلالَ الطَّبري بهذه الآثارِ التي


(١) البدايةُ والنهاية ٦/ ٦٢٤.
(٢) جامع البيان ١/ ٦١٧ - ٦٢١.
(٣) كلمةٌ فارسيّةٌ تعني: أتشتكي بطنَك؟. ينظر: سنن ابن ماجة ٥/ ١٣١.
(٤) أخرجه ابنُ ماجة في سُننِه ٥/ ١٣٠ (٣٤٥٨)، وأحمدُ في مسندِه ١٥/ ٢٨، ١٣١ (٩٠٦٦، ٩٢٤٠)، والعقيلي في الضعفاءِ ٢/ ٤٨، وابنُ حبان في المجروحين ١/ ٢٩٦، وابنُ عديّ في الكامِل ٤/ ٢٢. من طريقِ ذوّاد بن عُلبَة، عن ليثِ بن أبي سليم، وكلاهُما ضعيفٌ، وذوّادُ قالَ عنه ابنُ حبّان (ت: ٣٥٤): «مُنكرُ الحديثِ جِدّاً»؛ فالحديثُ مُنكرٌ، والصَّوابُ أنَّه موقوفٌ، كما في مراجِعِ التّخريجِ.
(٥) جامع البيان ١/ ٦١٨. وينظر في غيرِه من الأمثلةِ: ٢٠/ ٧٤.

<<  <   >  >>