للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّوعُ الأوّلُ: استدلالُه بالإجماعِ لقبولِ المعاني وتصحيحِها، ومِن ذلك قولُه: «فإن قالَ قائِلٌ: وما بُرهانُك على أن معنى قولِه ﴿وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ﴾ [البقرة: ١٩٦]: إذا رجعتُم إلى أهلِكم وأمصارِكم. دونَ أن يكونَ معناه: إذا رجعتُم مِنْ مِنىً إلى مكَّةَ؟ قيلَ: إجماعُ جميعِ أهلِ العلمِ على أنَّ معناه ما قُلنا دونَ غيرِه» (١)، وقولُه في قولِه تعالى ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا﴾ [المائدة: ٦] الآية: «وقد أجمعَت الحُجَّةُ على أنَّ الله ﷿ لم يوجِب على نبيِّه ، ولا على عِبادِه فرضَ الوضوءِ لِكُلِّ صلاةٍ ثُمَّ نُسِخَ ذلك. ففي إجماعِها على ذلك الدَّلالةُ الواضِحةُ على صِحَّةِ ما قُلنا» (٢)، وقولُه مُعلِّلاً لبعضِ اختيارِه، بعدما ذكرَ قولاً للحُجَّةِ مِنْ أهلِ التَّأويلِ: «وهو التَّأويلُ الصَّحيحُ عندنا؛ لِما ذكَرنا مِنْ إجماعِها عليه» (٣).

النَّوعُ الثَّاني: استدلالُه بالإجماعِ لرَدِّ المعاني وإبطالِها، ومِن أمثلَتِه قولُه: «وقد زعمَ بعضُهم أنَّ معنى قولِه ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الفاتحة: ٦]: أسلِكْنا طريقَ الجنَّةِ في المعادِ. أي: قدِّمنا له، وامضِ بنا إليه .. ، وفي قولِ الله جلَّ ثناؤُه ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥] ما يُنبئُ عن خطأِ هذا التَّأويلِ، مع شهادةِ الحُجَّةِ مِنْ المُفسِّرين على تخطِئتِه؛ وذلك أنَّ جميعَ المفسِّرين مِنْ الصَّحابةِ والتّابعين مُجمعون على أنَّ معنى الصِّراطَ في هذا الموضِعِ غيرُ المعنى


(١) جامع البيان ٣/ ٤٣٥.
(٢) جامع البيان ٨/ ١٦٢.
(٣) جامع البيان ٨/ ٢٩٩. وينظر: ١/ ١٧٠، ٢٩٨، ٣١١، ٢/ ١٨١، ٥٦٣، ٣/ ٧٣٥، ٩/ ٥٧٣، ١٥/ ٢٢٧.

<<  <   >  >>