للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والسُّنَّةِ، مِنْ غيرِ أن يُنبِّه أحدٌ على فسادِه وإبطالِه، وإظهارِ النَّكيرِ فيه» (١)، وهذا ليس إثباتاً للإجماعِ بالإجماعِ، وإنَّما استدلالٌ بالعادةِ الجاريةِ في مثلِ ذلك.

سابعاً: أنَّه قد ثبتَ في كُلِّ عصرٍ مِنْ الصَّحابةِ والتّابعين فمَن بعدَهم القطعُ بتخطئَةِ المُخالفِ للإجماعِ، وشدَّدوا النَّكيرَ عليه، وعدّوا ذلك مُروقاً مِنْ الدِّينِ، وما حملَهم على ذلك إلا وجودُ مُستندٍ قاطعٍ دلَّ على تخطئَةِ المُخالفِ، ووجوبِ اتِّباعِ الإجماعِ (٢)، وهذا أيضاً ممّا جرَتْ به العادةُ في مثلِه.

ثامِناً: أنَّ الله تعالى جعلَ الرسولَ خاتمَ النَّبيِّين، وحكمَ ببقاءِ شريعتِه إلى يومِ القيامةِ، فلا بُدَّ مِنْ ظهورِ شريعتِه في النَّاسِ إلى يومِ القيامةِ، وقد انقطعَ الوحيُ بموتِه، فعرَفنا ضرورةً أنَّ طريقَ بقاءِ شريعته يتمثَّلُ في عِصمةِ الله أُمَّتَه مِنْ أن يُجمعوا على ضلالةٍ، فإنَّ الإجماعَ على الضَّلالةِ رفعٌ للشَّريعةِ. (٣)

هذه جُملةُ الأدلَّةِ القاطعةِ بحُجِّيَّةِ الإجماعِ، وقد أفادَتْ مِنْ ضمنِ ما أفادَتْ أمرَيْن:

الأوَّل: لا يُشترَطُ لصِحَّةِ الإجماعِ أن يبلغَ المُجمعون عددَ التَّواترِ؛


(١) الإحكام، للآمدي ١/ ٢٩٣. وينظر: الفقيه والمتفقه ١/ ٤٢٤.
(٢) ينظر: الكوكب المنير ٢/ ٢٢٣، وقوادح الاستدلال بالإجماع (ص: ١٤٥).
(٣) ينظر: أصول السَّرخسي ١/ ٢٩٥، وكشف الأسرار ٣/ ٢٦٠.

<<  <   >  >>