للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ظنَّ ذو غباءٍ» (١). ومِن أمثلةِ ذلك قولُه: «وقد زعمَ بعضُ الزَّاعمين أنَّ قولَه ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ﴾ [البقرة: ١٠٢] معنيٌّ به الشياطينُ، وأنَّ قولَه ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: ١٠٢] معنيٌّ به النَّاسُ. وذلك قولٌ لقولِ جميعِ أهلِ التَّأويلِ مُخالِفٌ؛ وذلك أنَّهم مُجمعون على أنَّ قولَه ﴿وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ﴾ [البقرة: ١٠٢] معنيٌّ به اليهودُ دونَ الشياطينِ» (٢)، وقولُه: «وإذْ كانَ ذلك معنى الآيةِ بإجماعِ الحُجَّةِ مِنْ أهلِ التَّأويلِ، فبيِّنٌ خطأُ قولِ مَنْ زعمَ أنَّ معنى قولِه ﴿إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ﴾ [البقرة: ١٥٠]: ولا الذين ظلموا مِنهم. وأنَّ معنى ﴿إِلَّا﴾ بمعنى الواو (٣) (٤).

٨ - أنَّ تعبيرَه فيها يختلفُ عن الإجماعِ العامِّ بلا مُخالِفٍ غالباً، حيث يذكرُ في صيغتِه (الحجَّةَ)، والتي يُفهَم مِنها أنَّ قولَ الواحِدِ والاثنين مقابَلٌ بقولِ عامّةِ العلماءِ، وهُم الحُجَّةُ دونَ مَنْ شَذَّ. ومِن أوضحِ الأمثلةِ على ذلك قولُه: «وفي إجماعِ الجميعِ مِنْ الحُجَّةِ على أنَّه غيرُ جائزٍ لزوجِها غِشيانُها بانقطاعِ دمِ حيضِها، إذا لم يكُن هنالك نجاسةٌ دونَ التَّطهُّرِ بالماءِ إذا كانَت واجِدتَه = أدَلُّ الدَّليلِ على أنَّ معناه: فإذا تطهَّرنَ الطُّهرَ الذي يَجزيهِنَّ به الصَّلاةُ. وفي إجماعِ الجميعِ مِنْ الأُمَّةِ على أنَّ الصَّلاةَ لا تحِلُّ لها إلا بالاغتسالِ أوضَحُ الدَّلالةِ على


(١) جامع البيان ٤/ ٣٠٣.
(٢) جامع البيان ٢/ ٣٦٩.
(٣) كأنَّه يعني أبا عبيدة (ت: ٢١٠) فهذا قولُه في مجاز القرآن ١/ ٦٠.
(٤) جامع البيان ٢/ ٦٨٨. وينظر: ٢/ ٤٩٢، ١٠/ ٦٢٩، ١٤/ ٦٤٧، ١٨/ ١٧١، ٢٤/ ٣٤٨.

<<  <   >  >>