للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المُصطلحِ، ومُستندُها حديثُ ابنِ مسعودٍ مرفوعاً: «خيرُ النّاسِ قرني، ثُمَّ الذين يَلونَهم، ثُمَّ الذين يَلونَهم» (١)، والقَرنُ هم: أهلُ كُلِّ زمانٍ واحدٍ متقاربٍ يشتركون فيه أمراً مقصوداً (٢). ومن ثَمَّ فقرْنُ النَّبي هُمْ الصَّحابةُ، والثّاني: التّابعون، والثّالثُ: تابعوهُم (٣).

وذهبَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨) إلى أنَّ الاعتبارَ في القرونِ الثّلاثةِ بجُمهورِ أهلِ القرنِ؛ وهو وَسطُه؛ فجمهورُ الصَّحابةِ انقرضوا بانقِضاءِ الخُلفاءِ الأربعةِ، وجمهورُ التّابعين انقرضوا في أواخرِ عصرِ صِغارِ الصَّحابةِ، وجمهورُ تابعي التّابعين انقرضوا في أواخرِ الدّولةِ الأمويّة وأوائِلِ العبّاسيّة. (٤)

الثّاني: الصَّحابةُ والتّابعون وأتباعُهم؛ ممَّن التزمَ الكتابَ والسُّنَّةَ ولم يتلبَّس ببدعةٍ، ومَن تبعَهم بإحسانٍ. وهذه الدّلالةُ المنهجيّةُ لهذا المُصطلح، ومُستندُها ما وردَ في بيانِ الفِرقةِ النّاجيةِ في حديثِ الافتراقِ المشهورِ: «ما أنا عليه وأصحابي» (٥)؛ حيثُ ربطَ النَّبي الفرقةَ


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ٣/ ١٧١ (٢٦٥٢)، ومسلم في صحيحه ٦/ ٦٨ (٢٥٣٣).
(٢) ينظر: لسان العرب ١٧/ ٢٠٩، والنهاية في غريب الحديث ٤/ ٤٥، وفتح الباري ٧/ ٨.
(٣) ينظر: شرح مسلم، للنووي ٦/ ٦٧،، وتنبيه الرجل العاقل ٢/ ٥٧٧، ومجموع الفتاوى ٤/ ١٥٧.
(٤) ينظر: مجموع الفتاوى ١٠/ ٣٥٧.
(٥) أخرجه الترمذي في الجامعِ ٥/ ٢٦ (٢٦٤١)، والمروزي في السُّنَّة (ص: ٢٣) (٥٩)، والحاكم في المستدركِ ١/ ٢١٨ (٤٤٤). وقالَ الترمذي (ت: ٢٩٧): «حديثٌ مُفسَّرٌ غريبٌ»، وله شواهدُ صحيحةٌ يرتقي بها إلى القبولِ؛ ذكرَ بعضَها الحاكمُ (ت: ٤٠٥) وقالَ: «هذه أسانيدُ تُقامُ بها الحُجَّةُ في تصحيحِ هذا الحديثِ». وقد جاءَ في تفسيرِ هذه اللفظةِ ومعناها نصوصٌ شرعيّةٌ كثيرةٌ تُنظَر في الاعتصام (ص: ٤٧٠، ٤٧٦).

<<  <   >  >>