للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصَّحابةِ ؛ مِنْ مثلِ قولِه تعالى ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: ٢٩] الآية، وقولِه ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾ [الفتح: ١٨] الآية، ونحوِها؛ إذْ فيها تنبيهٌ للأُمَّةِ على كمالِ دينِهم، وصحَّةِ علمِهم، ووضوحِ حُجَّتِهم، فمَن أرادَ نيلَ ما نالوه مِنْ الخَيريَّةِ، وكمالِ الدِّينِ، والرِّضوانِ في الدُّنيا والآخرةِ = فليس له إلا سبيلَهم في الفَهمِ، وما يتبعُه مِنْ العلمِ والعملِ.

ثامناً: أنَّ الصَّحابةَ هم أهلُ اللسانِ الذي نزلَ به القُرآنُ، فاعتبارُ أقوالِهم مِنْ هذا الوجهِ مُكَمِّلٌ للوجهِ الشَّرعيِّ الموجِبِ لذلك، قالَ الشّاطبيُّ (ت: ٧٩٠): «وأمّا بيانُ الصَّحابةِ فإن أجمعوا على ما بيّنوه فلا إشكالَ في صحَّتِه .. ، وإن لم يُجمعوا عليه فهل يكونُ بيانُهم حُجَّةً، أم لا؟ هذا فيه نظرٌ وتفصيلٌ، ولكنَّهم يترجَّحُ الاعتمادُ عليهم في البيانِ مِنْ وجهَيْن: أحدُهما: معرِفتُهم باللسانِ العربيّ؛ فإنَّهم عربٌ فُصحاءُ، لم تتغيّر ألسنتُهم، ولم تنزِل عن رُتبتِها العُليا فصاحَتُهم، فهم أعرَفُ في فهمِ الكتابِ والسُّنَّةِ مِنْ غيرِهم، فإذا جاءَ عنهم قَولٌ أو عملٌ واقِعٌ موقعَ البيانِ صَحَّ اعتمادُه مِنْ هذه الجِهةِ» (١)، وقالَ: «ما نُقلَ مِنْ فهمِ السَّلفِ الصّالحِ للقرآنِ فإنَّه كلَّه جارٍ على ما تقضي به العربيَّةُ» (٢).

تاسعاً: أنَّ الصَّحابةَ أعرَفُ النّاسِ بأسبابِ النّزولِ ومُلابساتِه، وحالِ مَنْ نزلَ عليهم القرآنُ، وذلك مِنْ أعظمِ ما يُستعانُ به على فهمِ مُرادِ الله


(١) الموافقات ٤/ ١٢٧.
(٢) الموافقات ٤/ ٢٥٣.

<<  <   >  >>