للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى ورسولِه ، وهذا ممّا اختصّوا به عن غيرِهم، ولم يشرَكُهم فيه أحدٌ ممّن بعدَهم، قالَ الشّاطبي (ت: ٧٩٠) مُبيّناً الوجهَ الثّاني مِنْ وجوهِ ترجيحِ الاعتمادِ على بيانِ الصَّحابةِ : «الثّاني: مُباشرتُهم للوقائِعِ والنّوازلِ، وتنزيلِ الوحي بالكتابِ والسُّنَّةِ؛ فهم أقعدُ في فهمِ القرائِنِ الحاليَّةِ، وأعرفُ بأسبابِ التَّنزيلِ، ويُدركون ما لا يُدرِكُه غيرُهم بسببِ ذلك، والشّاهدُ يرى ما لا يرى الغائِبُ. فمتى جاءَ عنهم تقييدُ بعضِ المُطلقاتِ، أو تخصيصُ بعضِ العُموماتِ؛ فالعملُ عليه صوابٌ، وهذا إن لم يُنقلْ عن أحدٍ منهم خلافٌ في المسألةِ، فإن خالَفَ بعضُهم فالمسألَةُ اجتهاديّةٌ» (١).

عاشراً: أنَّ النَّبي بيّنَ للصحابةِ معاني القرآنِ كما بيّن لهم ألفاظَه، وكذلك بلّغَه الصَّحابةُ لمن بعدَهم، قالَ أبو عبدِ الرّحمن السُّلَمي (٢) (ت: ٧٤): «حدَّثنا الذين كانوا يُقرِئونَنا القرآنَ مِنْ أصحابِ النَّبي ، أنَّهم كانوا إذا تعلَّموا مِنْ النَّبي عشرَ آياتٍ لم يُجاوزوها حتى يتعلَّموا ما فيها مِنْ العلمِ والعملِ، قالوا: فتعلَّمنا القرآنَ والعلمَ والعملَ جميعاً» (٣)، قالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «يجبُ أن يُعلَمَ أنَّ النَّبي بيَّن لأصحابِه معاني القرآنِ كما بيَّن لهم ألفاظَه، فقولُه تعالى


(١) الموافقات ٤/ ١٢٨. وينظر: درء تعارض العقل والنقل ١/ ١٨٣، وإعلام الموقعين ٦/ ٢٠.
(٢) هو عبد الله بن حبيب الكوفي، من كبارِ التّابعين، ومن أبناءِ الصحابةِ، الإمام المُقرئ، قرأ على عثمانَ وعليّ وابنِ مسعودٍ وزيدٍ وأُبيّ ، مات سنة (٧٤). ينظر: معرفة القرّاء الكبار ١/ ١٤٦، وغاية النهاية ١/ ٣٧٠.
(٣) مصنف عبد الرزاق ٣/ ٣٨٠، ومسند أحمد ٣٨/ ٤٦٦، وجامع البيان ١/ ٧٤.

<<  <   >  >>