للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ [النحل: ٤٤] يتناولُ هذا وهذا» (١)، وقالَ: «فقولُنا بتفسيرِ الصَّحابةِ والتّابعين لِعِلمِنا بأنَّهم بلَّغوا عن الرسول ما لم يصلْ إلينا إلا بطريقِهم، وأنَّهم عَلِموا معنى ما أنزلَ اللهُ على رسولِه تلقّياً عن الرسولِ، فيمتنعُ أن نكونَ نحن مُصيبين في فهمِ القرآنِ وهم مخطئون، وهذا يُعلَمُ بُطلانُه ضرورةً؛ عادةً وشرعاً» (٢)، وقالَ ابنُ القيّم (ت: ٧٥١): «فالصَّحابةُ أخذوا عن رسولِ الله ألفاظَ القرآنِ ومعانيه، بل كانَت عنايتُهم بأخذِ المعاني مِنْ عنايتِهم بالألفاظِ؛ يأخذون المعاني أوَّلاً، ثُمَّ يأخذون الألفاظَ ليَضبِطوا بها المعاني حتّى لا تشِذَّ عنهم. قالَ حبيبُ بن عبدِ الله البَجَلي، وعبدُ الله بن عمرَ: «تعلَّمنا الإيمانَ، ثُمَّ تعلَّمنا القرآنَ، فازدَدنا إيماناً»، فإذا كانَ الصَّحابةُ تلقَّوا عن نبيِّهم معاني القرآنِ كما تلقَّوا عنه ألفاظَه لم يحتاجوا بعد ذلك إلى لُغةِ أحدٍ؛ فنقلُ معاني القرآنِ عنهم كنقلِ ألفاظِه سواءٌ» (٣)، وتلقّي الصَّحابةِ معاني القرآنِ عن النَّبي في أقوالِ الأئمَّةِ السّابقين أعمُّ مِنْ أن يكونَ قوليّاً؛ إذْ يشملُ كُلَّ ما يُستفادُ مِنه بيانٌ مِنْ أقوالِ النَّبي ، وأفعالِه، وتقريراتِه، كما يدُلُّ عليه قَولُهم: (فتعلَّمنا العلمَ والعملَ، وتعلَّمنا الإيمانَ).

فمِن ثَمَّ ليس شيءٌ مِنْ القرآنِ خفيَّ المعنى عن عامَّةِ الصَّحابةِ فلا


(١) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٣١. وينظر: مجموع الفتاوى ٥/ ١٥٥، وبغية المرتاد (ص: ٣٣٠).
(٢) بغية المرتاد (ص: ٣٣٢).
(٣) مختصر الصواعق المرسلة (ص: ٥١١).

<<  <   >  >>