للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ببابِ الإجماعِ، قالَ الجوَيْنيُّ (١) (ت: ٤٧٨): «إذا اختلفَ أصحابُ رسولِ الله على قَولَيْن واستمرّوا على الخِلافِ، فالذي صارَ إليه مُعظمُ المُحقِّقين أنَّ اختراعَ قَولٍ ثالثٍ خرقٌ للإجماعِ» (٢)، وعلَّلَ ذلك بقولِه: «إنَّ نفسَ المصيرِ إلى القولِ الواحدِ إجماعٌ على نفي ما عداه، وكذلك إذا حصروا المذاهبَ في قَوْلَيْن فقد نفَوا ما عداهُما» (٣)، وقالَ الغزاليُّ (ت: ٥٠٥): «لأنَّهم أجمعوا على الحَصرِ، فذُهولُهم عن الحقِّ على ممرِّ الأيّامِ مع كثرتِهم مُحالٌ» (٤).

وثانيهما: أنَّ في القَولِ بجوازِ إحداثِ قولٍ بعد ما استقرَّ خلافُ السَّلفِ عليه نِسبةُ الأُمَّةِ إلى إضاعةِ شيءٍ مِنْ الدِّينِ، وعدمِ اهتدائِها إلى الحقِّ في تلك الأزمانِ، وعِلمُ مَنْ بعدَهم به، وكُلُّ ذلك مِمَّا تظاهرت الأدلَّةُ ببُطلانِه كما مَرَّ. (٥)

وهذه بعضُ نصوصِ الأئِمَّةِ في تقريرِ ذلك: قالَ أبو حنيفة (ت: ١٥٠): «إذا جاءَ عن النَّبي فعلى الرأسِ والعينِ، وإذا جاءَ


(١) عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجوَيْنيّ، أبو المعالي إمامُ الحرمَيْن، شيخُ الشّافعيَّة، صنَّفَ: غياثَ الأممِ، ونهايةَ المَطلبِ، وغيرها، مات سنة (٤٧٨). ينظر: السير ١٨/ ٤٦٨، وطبقات الشّافعية الكبرى ٥/ ١٦٥.
(٢) البرهان في أصول الفقه ١/ ٢٧٣.
(٣) التلخيص في أصول الفقه ٣/ ٩١.
(٤) المنخول من تعليقات الأصول (ص: ٤١٧). وينظر: الموافقات ٣/ ٢٨٤.
(٥) ينظر: أصول السّرَخسي ١/ ٣١٠، وقواطع الأدلَّة ٣/ ٢٦٦، والمستصفى ١/ ١٩٢، والمسودة ٢/ ٦٣٤، وإعلامُ الموقعين ٥/ ٥٥٠، والبحر المحيط في الأصول ٣/ ٥٨٠، وشرح الكوكب المنير ٢/ ٢٦٤. وتقريرُ أهلِ العلمِ في هذه المسألةِ يشملُ التّفسيرَ والأحكامَ؛ إذْ لا فرقَ بينهما. ينظر: مجموع الفتاوى ١٣/ ٥٩.

<<  <   >  >>