للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المهاجرين والأنصارِ = خبرٌ لمَن استَخْبر، وعِبرةٌ لمَن استعبَرَ، لمَن كانَ يعقِلُ أو يُبصِرُ: إنَّ الخوارجَ خرجوا وأصحابُ رسولِ الله يومئذٍ كثيرٌ بالمدينةِ والشّامِ والعراقِ، وأزواجُه يومئذٍ أحياءٌ، والله إنْ خرجَ مِنهم ذكرٌ ولا أُنثى حَروريّاً قَطُّ، ولا رضوا الذي هُمْ عليه، ولا مالَئوهُم فيه .. ، بل كانوا يُبغضونَهم بقلوبِهم، ويُعادونَهم بألسِنتِهم، وتشتدُّ والله عليهم أيدِيهم إذا لَقوهُم، ولَعَمْري لو كانَ أمرُ الخوارجِ هُدىً لاجتمعَ، ولكنَّه كانَ ضلالاً فتفرَّقَ، وكذلك الأمرُ إذا كانَ مِنْ عندِ غيرِ الله وجدْتَ فيه اختلافاً كثيراً» (١).

قالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «أصلُ وقوعِ أهلِ الضّلالِ في مثلِ هذا التّحريفِ: الإعراضُ عن فهمِ كتابِ الله تعالى كما فهِمَه الصَّحابةُ والتّابعون» (٢)، وقالَ: «مَنْ عدلَ عن مذاهبِ الصَّحابةِ والتّابعين وتفسيرِهم إلى ما يُخالفُ ذلك كانَ مُخطِئاً في ذلك، بل مُبتدعاً» (٣)، وقالَ الشّاطبيُّ (ت: ٧٩٠) مُبيّناً دليلَ بُطلانِ بعضِ التّفاسيرِ: «والدَّليلُ على ذلك أنَّه لم يُنقلْ عن السَّلفِ الصّالحِ مِنْ الصَّحابةِ والتّابعين تفسيرٌ للقرآنِ يُماثِلُه أو يُقاربُه، ولو كانَ عندَهم معروفاً لنُقلَ؛ لأنَّهم كانوا أحرى بفهمِ ظاهرِ القرآنِ وباطِنِه باتِّفاقِ الأئِمَّةِ، ولا يأتي آخرُ هذه الأُمَّةِ بأهدى ممّا كانَ عليه أوَّلُها، ولا هُمْ أعرفُ بالشَّريعةِ مِنهم» (٤).

ومن ثمَّ كانَ أبرزَ ما يُقرِّرُه مَنْ رجعَ عن المذاهبِ الباطلةِ في تأويلِ


(١) جامع البيان ٥/ ٢٠٧.
(٢) درءُ تعارض العقل والنقل ٥/ ٣٨٣.
(٣) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٦١. وينظر منه: ٧/ ١١٩، ١٣/ ٥٩، ٢٤٣.
(٤) الموافقات ٤/ ٢٤٨.

<<  <   >  >>