للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خامسَ عشر: أنَّ القولَ بخلافِ ذلك يَلزمُ مِنه القولُ بباطلٍ كثيرٍ؛ مِنْ مثلِ عدمِ تمامِ بيانِ النَّبي للقرآنِ، أو جهلِ الصَّحابةِ بشيءٍ مِنْ معاني كتابِ الله الذي أنزلَه الله بلسانِهم، وبيّنَه لهم نبيُّهم، أو كتمِهم لشيءٍ مِنْ تلك المعاني عمَّن بعدَهم، وما يتبعُ ذلك مِنْ تصحيحِ استدلالِ أهلِ الأهواءِ والبدعِ بجنسِ ذلك مِنْ وجوهِ الأدلَّةِ الباطلةِ، قالَ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨): «ومَنْ زعمَ أنَّه لم يَبيّن لهم معاني القرآنَ، أو أنَّه بيّنها وكتموها عن التّابعين، فهو بمنزلةِ مَنْ زعمَ أنَّه بيّنَ لهم النَّصَّ على عليٍّ، وشيئاً آخرَ مِنْ الشَّرائعِ والواجباتِ، وأنَّهم كتموا ذلك، أو أنَّه لم يُبيّنْ لهم معنى الصلاةِ والزكاةِ والصّيامِ والحجِّ، ونحوِ ذلك مما يزعمُ القرامطةُ أنَّ له باطناً يُخالفُ الظّاهرَ، كما يقولون: إنَّ الصلاةَ معرفةُ أسرارِهم، والصّيامَ كتمانُ أسرارِهم، والحجَّ زيارةُ شيوخِهم .. ، ونحو ذلك مِنْ تفسيرِ القرامطةِ» (١).

سادسَ عشر: أن عدمَ اعتبارِ أقوالِ السَّلفِ في التَّفسيرِ مِنْ أعظمِ أسبابِ الخطأِ في التَّأويلِ، والشّذوذِ فيه، وشاهدُ ذلك قولُ ابنِ عبّاسٍ للخوارجِ حين ناظرَهم: «جِئتُكم مِنْ عند المهاجرين والأنصارِ؛ أصحابِ رسولِ الله ، وليسَ فيكم مِنهم أحدٌ .. ، وعليهم نزلَ القرآنُ، وهُم أعلمُ بتأويلِه» (٢)، وكانَ قتادة (ت: ١١٧) إذا قرأَ قولَه تعالى ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ﴾ [آل عمران: ٧] يقولُ: «لعَمْري لقد كانَ في أهلِ بدرٍ، والحُدَيْبيةِ الذين شهِدوا مع رسولِ الله بيعةَ الرِّضوانِ مِنْ


(١) بغية المرتاد (ص: ٣٣١).
(٢) جامع بيان العلم وفضله ٢/ ٩٦٢.

<<  <   >  >>