للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عاشراً: قولُ جمهورِ السَّلفِ عندَ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) مُقدَّمٌ في الجُملةِ على قولِ آحادِهم، ومن شواهدِ ذلك قولُه مُعلِّلاً بعضَ اختيارِه: «وأَوْلى الأقوالِ بالصَّوابِ في ذلك .. ؛ لتظاهُرِ الأخبارِ بذلك عن الصَّحابةِ والتّابعين وعامَّةِ أهلِ التَّأويلِ. وأمّا القَولُ الذي رواه مجاهدٌ عن ابنِ عباسٍ فقَولٌ غيرُ بعيدٍ مِنْ الصَّوابِ، ولكنَّ الأخبارَ المُتظاهرَةَ عن الصَّحابةِ والتّابعين بخلافِه، وكرِهنا القَولَ به مِنْ أجلِ ذلك» (١)، ومثلُه عندَ قولِه تعالى ﴿كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ [آل عمران: ٨٦]، حيثُ أوردَ قولَ الجُمهورِ أنَّها نزلَتْ في رجلٍ مِنْ الأنصارِ. ثُمَّ ذكرَ قولَ الحسنِ (ت: ١١٠) أنَّها نزلَتْ في أهلِ الكتابِ. ثُمَّ قالَ: «وأشبَهُ القَولَيْن بظاهرِ التَّنزيلِ ما قالَ الحسنُ؛ مِنْ أنَّ هذه الآيةَ معنيٌّ بها أهلَ الكتابِ، على ما قالَ. غيرَ أنَّ الأخبارَ بالقَولِ الآخرِ أكثرُ، والقائلين به أعلمُ بتأويلِ القرآنِ» (٢).

وعلى مثلِ ذلك نصَّ ابنُ جُزي (ت: ٧٤١) في مقدِّمةِ تفسيرِه؛ حيثُ قالَ في ثالثِ موجباتِ التَّرجيحِ ووجوهِه بعدَ القرآنِ والسُّنَّةِ: «أن يكونَ القولُ قولَ الجُمهورِ وأكثرِ المُفسِّرين؛ فإنَّ كثرةَ القائلين بالقولِ يقتضي ترجيحَه» (٣)، ثُمَّ قالَ في رابعِ تلك الوجوهِ: «أن يكونَ القولُ قولَ مَنْ يُقتدى به مِنْ الصَّحابةِ؛ كالخُلفاءِ الأربعةِ، وعبدِ الله بن عباسٍ» (٤).


(١) جامع البيان ٩/ ٢٣.
(٢) جامع البيان ٥/ ٥٦١.
(٣) التسهيل ١/ ٢٠.
(٤) المرجع السابق.

<<  <   >  >>