للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاديَ عشر: يرجّحُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) أقوالَ الصَّحابةِ مِنْ السَّلفِ في الجُملةِ؛ وذلك لِما لهُم مِنْ الخصائِصِ التي لا يَشرَكُهم فيها مَنْ بعدَهم، كما في قولِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) عنهم: «هُمْ كانوا أعلمَ بمعاني القرآنِ، والسَّببِ الذي فيه نزَلَ، وما أُريدَ به» (١)، كما أنَّ تفاسيرَ مَنْ بعدَهم مِنْ التّابعين كانَت وعاءً احتوى تفاسيرَ الصَّحابةِ، وبنى عليها، ولم يَخرُجْ عنها بما يُبطِلُها. ومِن شواهدِ تطبيقاتِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) في هذا البابِ قولُه في قولِه تعالى ﴿وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ﴾ [الأعراف: ٤٦]: «لا خبرَ عن رسولِ الله يصحُّ سندُه، ولا آيةَ مُتَّفقٌ على تأويلِها، ولا إجماعَ مِنْ الأمَّةِ على أنَّهم ملائِكةٌ. فإذْ كانَ ذلك كذلك، وكانَ ذلك لا يُدرَكُ قياساً، وكانَ المُتعارَفُ بين أهلِ لسانِ العربِ أنَّ الرِّجالَ اسمٌ يجمعُ ذكورَ بني آدمَ دونَ إناثِهم، ودونَ سائِرِ الخلقِ غيرِهم = كانَ بيِّناً أنَّ ما قالَه أبو مِجلَزٍ مِنْ أنَّهم: ملائِكةٌ. قولٌ لا معنى له، وأنَّ الصَّحيحَ مِنْ القَولِ في ذلك ما قالَه سائِرُ أهلِ التَّأويلِ غيرَه، هذا مع مَنْ قالَ بخِلافِه مِنْ أصحابِ رسولِ الله ، ومع ما رُويَ عن رسولِ الله في ذلك مِنْ الأخبارِ، وإن كانَ في أسانيدِها ما فيها» (٢)، وقولُه: «وبنحوِ ما قُلنا في ذلك قالَ أهلُ التَّأويلِ، وجاءَت الرِّوايةُ عن أصحابِ رسولِ الله ) (٣)، وقولُه في قولِه تعالى ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا﴾ [يوسف: ١١٠]: «وهذا التَّأويلُ الذي ذهبَ إليه الحسنُ وقتادةُ في ذلك -إذا قُرئَ بتشديدِ الذَّالِ وضمِّ الكافِ- خِلافٌ لِما ذكرنا


(١) جامع البيان ٢١/ ١٣١.
(٢) جامع البيان ١٠/ ٢٢١.
(٣) جامع البيان ١١/ ٥١.

<<  <   >  >>