للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ أقوالِ جميعِ مَنْ حكينا قولَه مِنْ الصَّحابةِ؛ لأنَّه لم يوجِّه الظَّنَّ في هذا المَوضِعِ مِنهم أحدٌ إلى معنى العلمِ واليقينِ» (١).

ثانيَ عشر: اعتمادُ أقوالِ الصَّحابةِ فيما لا مجالَ للرَّأْي فيه، وذلك ظاهرٌ في تفسيرِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠)، ومِن ذلك قولُه: «فإن قالَ قائِلٌ: وهل في الجنَّةِ قائِلةٌ فيُقالَ: ﴿وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٤] فيها؟ قيل: معنى ذلك: وأحسنُ فيها قراراً في أوقاتِ قائِلَتِهم في الدُّنيا؛ وذلك أنَّه ذُكرَ أنَّ أهلَ الجنَّةِ لا يمرُّ بهم في الآخرةِ إلا قدرُ ميقاتِ النَّهارِ، مِنْ أوَّلِه إلى وقتِ القائِلةِ، حتى يسكنوا مساكِنَهم في الجنَّةِ، فذلك معنى قولِه ﴿وَأَحْسَنُ مَقِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٤]» (٢)، ثُمَّ أسندَ معنى ذلك عن ابنِ عباسٍ ، مُستدلاً به. ومثلُ ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢]: «وقد زعمَ بعضُ أهلِ العربيّةِ (٣) أنَّ اللؤلؤَ والمرجانَ يخرجُ مِنْ أحدِ البَحرَيْن، ولكن قيلَ: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا﴾ [الرحمن: ٢٢]، كما يُقالُ: أكَلتُ خُبزاً ولَبَناً .. ، وليس ذلك كما ذهبَ إليه، بل ذلك كما وصَفتُ قبلُ مِنْ أنَّ ذلك يخرجُ مِنْ أصدافِ البحرِ عن قطرِ السّماءِ؛ فلذلك قيلَ ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا﴾ [الرحمن: ٢٢]، يعني به البَحرَيْن» (٤)، ثُمَّ استدلَّ لذلك بقولِ ابنِ عباسٍ : «إنَّ السّماءَ إذا أمطرَت فتحَت الأصدافُ أفواهَها، فمنها اللؤلؤُ» (٥).


(١) جامع البيان ١٣/ ٣٩٧. وينظر: ٢١/ ١٣١.
(٢) جامع البيان ١٧/ ٤٣٤.
(٣) هو أبو عبيدة معمر بن المُثنّى (ت: ٢١٠)، كما في مجاز القرآن ٢/ ٢٤٤.
(٤) جامع البيان ٢٢/ ٢٠٨.
(٥) المرجع السابق. وينظر: جامع البيان ٢٤/ ٣٨٤.

<<  <   >  >>