للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التَّفسيرِ فيه تركُ تفسيرِ كثيرٍ مِنْ الآياتِ التي لم يَرِدْ عن السَّلفِ فيها قَولٌ، كما فيه حَجْرُ معانٍ كثيرةٍ صحيحةٍ لم ترِدْ عنهم فيها. والجوابُ عن ذلك يسيرٌ وظاهرٌ في منهجِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠)؛ وهو: صِحَّةُ القَولِ بما لم يَرِدْ عنهم فيه شيءٌ مِنْ المعاني، وبمِثلِ منهجِهم. وذلك معنىً غيرُ معنى الخروجِ عمّا وردَ عنهم.

إحدى وعشرون: قولُ السَّلفِ هو الحاكمُ على أقوالِ أهلِ العربيّةِ في معاني الآياتِ، ومع كثرةِ ما أَوردَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) مِنْ أقوالِ أهلِ العربيّةِ، ومذاهبِهم في المعاني، إلّا أنَّه لا يُقدِّمُ مِنْ أقوالِهم غيرَ ما وافقَ تأويلَ السَّلفِ، ويُميِّزُ أقوالَهم عن قَولِ أهلِ التَّفسيرِ.

ومن شواهِدِ ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ﴾ [الأنبياء: ٨٠]: «والّلبوسُ عند العربِ: السِّلاحُ كُلُّه .. ، وأمّا في هذا المَوضِعِ فإنَّ أهلَ التَّأويلِ قالوا: عَنى الدُّروعَ» (١)، وقولُه: «والقَولُ الذي يقولُه أهلُ العلمِ أَوْلى بالصَّوابِ، وهو القَولُ الأوَّلُ الذي ذكَرْتُ .. ، وبذلك جاءَتْ الرِّوايةُ عن جماعةٍ مِنْ أصحابِ رسولِ الله ، والقَوْلان الآخران على مذاهبِ أهلِ العربيَّةِ» (٢)، وقولُه: «والصّوابُ عندي في ذلك ما قالَ أهلُ العلمِ الذين حكَيْنا قولَهم؛ لأنَّهم أعلمُ بذلك، وإنْ كانَ للذي قالَه مَنْ ذكَرْنا قولَه مِنْ أهلِ العربيَّةِ وجهٌ» (٣)، وقولُه: «والقَولُ الذي


(١) جامع البيان ١٦/ ٣٢٩.
(٢) جامع البيان ٢٠/ ١٦٢.
(٣) جامع البيان ٢٤/ ٤٣٧.

<<  <   >  >>