للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَه مَنْ حكَيْنا عنه مِنْ أهلِ البَصرةِ قَولٌ لا نعلمُ أحداً مِنْ أهلِ التَّأويلِ قالَه، وإن كانَ له وجهٌ؛ فلذلك ترَكْنا القولَ به» (١).

ولأنَّ الإعرابَ فرعٌ عن المعنى فإنَّ ابنَ جريرٍ (ت: ٣١٠) يُقدِّمُ مِنْ وجوهِ الإعرابِ ما وافقَ المعنى الواردَ عن السَّلفِ، ومن ذلك قولُه: «وفي نصبِ ﴿أَمَدًا﴾ [الكهف: ١٢] وجهان: أحدُهما: أن يكونَ منصوباً على التَّفسيرِ (٢) مِنْ قولِه ﴿أَحْصَى﴾ [الكهف: ١٢]، كأنَّه قيلَ: أيُّ الحِزبَيْن أصوَبُ عدداً لِقَدرِ لُبْثِهم. وهذا أَوْلى الوَجهَيْن في ذلك بالصَّوابِ؛ لأنَّ تفسيرَ أهلِ التَّفسيرِ بذلك جاءَ» (٣).

اثنان وعشرون: بيَّنَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) أسبابَ مخالفةِ أقوالِ السَّلفِ في التَّفسيرِ في عِدَّةِ مواضِعَ مِنْ تفسيرِه، ومِن خلالِ تلك النُّقولِ تتلخَّصُ أهمُّ أسبابِ مُخالفةِ أقوالِ السَّلفِ في الآتي:

١ - الاعتدادُ بالرَّأيِ، وحملُ القرآنِ عليه بلا دليلٍ مُعتبرٍ، كما في قولِه: «وقد زعمَ بعضُ أهلِ العلمِ بلُغاتِ العربِ مِنْ أهلِ البصرةِ أنَّ معنى قولِه ﴿مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٣٩]: بكتابٍ مِنْ الله. مِنْ قَولِ العربِ: أنشدَني فلانٌ كلِمةَ كذا. يُرادُ به قصيدةُ كذا. جهلاً مِنه بتأويلِ الكلمةِ، واجتراءً على ترجمةِ القرآنِ برأيِه» (٤)، وقولِه: «وأمّا آخرون


(١) جامع البيان ٢٢/ ٧. وينظر: ٣/ ٨٩، ١٢/ ٥٢٨، ١٣/ ١٢٥، ٤٧٣، ٥٣٨، ١٦/ ٤٩، ١٨/ ١٩.
(٢) مصطلحٌ نحويٌّ كوفيٌّ بمعنى: التمييز. ينظر: النحو وكتب التفسير ١/ ٥٨٥، والطَّبري والجهود النحوية في تفسيرِه (ص: ٤٣٧).
(٣) جامع البيان ١٥/ ١٧٨. وينظر: ١٨/ ١٩.
(٤) جامع البيان ٥/ ٣٧٤.

<<  <   >  >>