للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلامِها، قالَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠): «الواجبُ أن تكونَ معاني كتابِ الله المُنزَّلِ على نبيّنا محمدٍ ، لمعاني كلامِ العربِ موافقةً، وظاهرُه لظاهرِ كلامِها مُلائِماً .. ، فإذْ كانَ ذلك كذلك، فبيّنٌ إذْ كانَ موجوداً في كلامِ العربِ الإيجازُ والاختصارُ، والاجتزاءُ بالإخفاءِ مِنْ الإظهارِ، وبالقلَّةِ مِنْ الإكثارِ في بعضِ الأحوالِ، واستعمالُ الإطالةِ والإكثارِ، والتَّردادِ والتَّكرارِ .. ، أن يكونَ ما في كتابِ الله المُنزَّلِ على نبيِّه محمدٍ مِنْ ذلك في كلِّ ذلك له نظيراً، وله مِثلاً وشبيهاً» (١)، ومِن هذا الوَجهِ كانَ توجيهُ الصَّحابةِ النّاسَ إلى اعتمادِ كلامِ العربِ في فهمِ القرآن؛ فقالَ عمرُ بن الخطّابِ : «أيُّها النّاسُ: عليكُم بديوانِكم شعرِ الجاهليَّةِ؛ فإنَّ فيه تفسيرَ كتابِكم، ومعاني كلامِكم» (٢)، وقالَ ابنُ عباسٍ : «إذا خفيَ عليكم شيءٌ مِنْ القرآنِ فابتغوه في الشِّعرِ؛ فإنَّه ديوانُ العربِ» (٣).

ثانياً: اتِّفاقُ عملِ المُفسِّرين مِنْ السَّلفِ فمن بعدَهم على صِحَّةِ الاستدلالِ بلغةِ العربِ على المعاني القرآنيَّةِ، وذلك مِنهم إجماعٌ عمليٌّ، وقد سبقَهم «إجماعُ أصحابِ رسولِ الله على تفسيرِ القرآنِ على شرائطِ اللُّغةِ» (٤)، وقد أسندَ أبو عبيدٍ القاسمُ بن سلّامٍ (ت: ٢٢٤)


(١) جامع البيان ١/ ١٢. وقارِن بما في الرسالة (ص: ٥٢).
(٢) الكشف والبيان ٦/ ١٩، والجامع لأحكام القرآن ١٢/ ٣٣٢.
(٣) عزاه السيوطي في الدرّ ٨/ ٢٣٧ لعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وغيرهم. وينظر: الجامع لأخلاق الراوي ٢/ ٢٩٥.
(٤) مقدمتان في علوم القرآن (ص: ٢٠١)، وقد حكى الإجماعَ فيه صاحبُ كتابِ (المباني لنظمِ المعاني).

<<  <   >  >>