للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ عكرمةُ (ت: ١٠٥): «﴿أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: ٣]: ألّا تميلوا. ثُمَّ قالَ: أما سمعتَ إلى قولِ أبي طالبٍ:

بميزانِ قِسطٍ وَزنُه غيرُ عائِلِ» (١).

وقد نُقلَ عن الإمامِ أحمدَ بن حنبل (ت: ٢٤١) المنعُ مِنْ الاستشهادِ بالشِّعرِ على القرآنِ؛ وذلك في قولِه حين سُئِلَ عن القرآنِ يُتمثَّلُ له بشيءٍ مِنْ الشِّعرِ؟ فقالَ: «ما يُعجبُني» (٢)، وليس ذلك بمُخالِفٍ لما سبقَ تقريرُه؛ لأنَّه ليس نصّاً في المَنعِ (٣)، وفي حالِ ثبوتِه عنه فقد اختُلِفَ في توجيهِه على أقوالٍ؛ فقيلَ: ظاهرُه المنعُ. وقيلَ: بل الكراهةُ. وقيلَ: بل مُرادُه مَنْ يصرفُ الآيةَ عن ظاهرِها المُتبادرِ إلى معانٍ مُحتملةٍ يدُلُّ عليها القليلُ مِنْ كلامِ العربِ المنقولِ شِعراً (٤). ولو حُمِلَ على إرادةِ المنعِ مِنْ الاحتجاجِ بالشِّعرِ على معاني القرآنِ -ولو كراهةً- لكانَ اجتهاداً مُقابَلاً بعملِ عامَّةِ السَّلفِ والأئِمَّةِ على ما سبقَ بيانُه، وحسبُه ذلك بُعداً عن الصَّوابِ.

كما لا يُعارِضُ هذا البابَ تورُّعُ بعضِ العلماءِ عن قَرْنِ الشِّعرِ بالقرآنِ في الذِّكرِ؛ كما في قولِ ابنِ فارسٍ (ت: ٣٩٥): «القَبْرُ: قبرُ الميّت، يُقالُ: قبَرْتُه أقبُرُه؛ قالَ الأعشى (٥):


(١) جامع البيان ٦/ ٣٧٧. وينظر: ١٤/ ٣٠٢، ١٥/ ٥٠٩، ٦٠٩، ١٦/ ٢٤٣، ٢٢/ ١٣٠، ٢٤٠، ٢٣/ ١٨٧.
(٢) مصنف ابن أبي شيبة ٥/ ٢٧٨. وينظر: البسيط، للواحدي ١/ ٤٠٥.
(٣) ينظر: روح المعاني ١/ ١٠، والمدخل المُفصّل ١/ ٢٤٧.
(٤) ينظر: العُدَّة في أصول الفقه ٣/ ٧٢٠، والمسوَّدة في أصول الفقه ١/ ٣٨٣، والتحرير والتنوير ١/ ٢٣.
(٥) ديوانُه (ص: ١٣٩).

<<  <   >  >>