للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقولِه في قولِه تعالى ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا﴾ [النساء: ٨٥]: «والصَّوابُ مِنْ هذه الأقوالِ قولُ مَنْ قالَ: معنى المُقيتِ: القديرُ. وذلك أنَّ ذلك -فيما يُذكرُ- كذلك بلُغةِ قريشٍ، ويُنشَدُ للزُّبيرِ بن عبد المُطَّلبِ، عمِّ رسولِ الله :

وذي ضِغْنٍ كفَفْتُ النَّفسَ عنه … وكُنتُ على مساءَتِه مُقيتاً

أي: قادراً» (١).

وقد أشارَ إلى ذلك المعنى في الاستدلالِ ابنُ جِنّي (٢) (ت: ٣٩٢)، فعقدَ باباً في خصائِصِه بعنوانِ: (بابُ اختلافِ اللُّغاتِ وكلُّها حُجَّةٌ)، وقالَ فيه: «ليس لك أن ترُدَّ إحدى اللُّغتَيْن بصاحِبتها؛ لأنَّها ليست أحقَّ بذلك مِنْ رسيلَتِها (٣)، لكن غايةَ ما لك أن تتخيَّرَ إحداهُما فتُقوّيها على أُختِها، وتعتقدُ أنَّ أقوى القياسَيْن أقبلُ لها، وأشدُّ أُنْساً بها، فأمّا رَدُّ إحداهُما بالأُخرى فلا» (٤)، وقالَ أبو حيّان (ت: ٧٤٥): «كُلُّ ما كانَ لُغةً لقبيلةٍ قِيسَ عليه» (٥).

خامساً: تثبتُ اللُّغةُ عند ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) مِنْ أحدِ طريقَيْن؛


(١) جامع البيان ٧/ ٢٧٢. وينظر: ٢/ ٣٥٨، ٤٠٣، ٤/ ٣٨٥، ٧/ ٤٥٦، ١٢/ ٣٨٩، ١٦/ ٤١٣.
(٢) هو عثمان بن جِنّي، أبو الفَتحِ المَوصليّ، عالمٌ باللُّغةِ والأدبِ، صنَّفَ: الخصائص، وسرّ صناعة الإعراب، وشرَحَ شعرَ المُتنبّي وأجادَ، ومات سنة (٣٩٢). ينظر: إنباه الرُّواة ٢/ ٣٣٥، وشذرات الذَّهب ٤/ ٤٩٤.
(٣) الرَّسيلُ: الموافقُ لك في النِّضالِ ونحوِه. ينظر: لسان العرب ١٣/ ٣٠٢.
(٤) الخصائص ١/ ٣٩٨.
(٥) الاقتراح في أصول النَّحو ٢/ ١٠٩٩.

<<  <   >  >>