للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن دلالةٍ مِنْ دلائلِ التَّوحيدِ، أو حُجَّةٍ في أصلِ فقهٍ أو فرعِه، لم يكُن الاحتجاجُ فيه بشيءٍ مِنْ لغةِ العربِ، إذْ كانَ موضوعُ ذلك غيرَ اللغاتِ» (١).

رابعاً: ما ثبتَ عن بعضِ العربِ ثبتَ للعربِ، وقد سارَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) على ذلك كما في قولِه: «وكتابُ الله الذي أنزلَه على محمدٍ بلسانِها، فليس لأحدٍ أن يتلوَه إلا بالأفصَحِ مِنْ كلامِها، وإن كانَ معروفاً بعضُ ذلك في لغةِ بعضِها، فكيف بما ليس بمعروفٍ مِنْ لُغةِ حيٍّ ولا قبيلةٍ مِنها! وإنَّما هو دَعوى لا ثَبَتَ بها ولا صِحَّةٌ» (٢)، وفي جُملةٍ مِنْ استدلالاتِه اللغويَّةِ يَستدِلُّ بما ثبتَ لبعضِ قبائلِ العربِ دون غيرِها، ويرى ذلك كافيًا في الحكمِ بعربيَّتِها، وصحَّةِ الاستدلالِ بها، كما في قولِه عند قولِه تعالى ﴿طه﴾ [طه: ١]: «والذي هو أَولى بالصَّوابِ عندي مِنْ الأقوالِ فيه قولُ مَنْ قالَ: معناه: يا رجلُ. لأنَّها كلمةٌ معروفةٌ في عكٍّ (٣) فيما بلغني، وأنَّ معناه فيهم: يا رجلُ. وأُنشِدَ لمُتَمِّمِ ابن نُويرةَ (٤):

هتفتُ بطه في القتالِ فلم يُجِبْ … فخِفتُ عليه أن يكونَ مُوائِلاً (٥) (٦).


(١) الصّاحبي (ص: ٤٩) طبعة/ السيّد صقر.
(٢) جامع البيان ١٢/ ٢٠٠.
(٣) عكّ: قبيلةٌ يُضافُ إليها مِخلافٌ باليمنِ. معجم البلدان ٣/ ٣٤٣.
(٤) متمِّم بن نُويْرة بن جَمرةَ بن شدّادٍ التَّميميّ، أبو نهشل، شاعرٌ اشتهرَ بقصيدتِه في رثاءِ أخيه الفارسِ الشَّاعرِ المغوار مالك بن نُوَيْرة. ينظر: الشّعر والشّعراء (ص: ٣٣٧)، والأغاني ١٥/ ٢٠٣.
والبيتُ في ديوانِه (ص: ١٣١).
(٥) المُوائِلُ: الطالبُ للنَّجاةِ. ينظر: لسان العرب ١٤/ ٢٤٠.
(٦) جامع البيان ١٦/ ٨.

<<  <   >  >>