للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكلامِ أهلِ اللُّغةِ مِنْ كلامِ أهلِ التَّفسيرِ، ومواضِعَ ما يُستدلُّ له في كُلٍّ مِنهما، ومِن ذلك قولُه: «وهذا القولُ الآخرُ على مذهبِ العربيَّةِ أصحُّ، والأوَّلُ إلى مذهبِ أهلِ التَّأويلِ أقربُ» (١).

وقد نصَّ أهلُ اللُّغةِ على لزومِ ذلك لمَن رامَ الاحتجاجَ باللُّغةِ على شيءٍ مِنْ نصوصِ الشَّرعِ؛ فقالَ أبو عبيدة معمرُ بن المُثنّى (ت: ٢١٠) بعد أن ذكرَ نماذجَ مِنْ استشهاداتِ السَّلفِ باللُّغةِ: «يجوزُ هذا عندي فيما كانَ مِنْ الغريبِ والإعرابِ، فأمّا ما كانَ مِنْ الحلالِ والحرامِ، والأمرِ والنَّهي، والنّاسخِ والمنسوخِ، فليس لبشرٍ أن يتكلَّمَ فيه برأيه إلا ما فسَّرَته سُنَّةُ رسولِ الله ، وقالَ فيه الصَّحابةُ والتّابعون بإحسانٍ بعدهم» (٢)، وقالَ أبو عبيدٍ القاسمُ بن سلّامٍ (ت: ٢٢٤) مُعلِّقاً على بعضِ استشهاداتِ السَّلفِ بكلامِ العربِ: «وفي هذا الحديثِ حُجَّةٌ لمن ذهبَ بالقرآنِ إلى كلامِ العربِ إذا لم يكُنْ فيه حلالٌ ولا حرامٌ؛ ألا تراه يقولُ: وهو في كلامِ العربِ دلكَتْ براحِ» (٣)، وقالَ ابنُ فارسٍ (ت: ٣٩٥): «لُغةُ العربِ يُحتجُّ بها فيما اختُلِفَ فيه؛ إذا كانَ التّنازعُ في اسمٍ أو صفةٍ أو شيءٍ ممّا تستعملُه العربُ مِنْ سَنَنِها في حقيقةٍ ومجازٍ، أو ما أشبه ذلك، فأمّا الذي سبيلُه الاستنباطُ، أو ما فيه لدلائلِ العقلِ مجالٌ = فإنَّ العربَ وغيرَهم فيه سواءٌ؛ لأنَّ سائلاً لو سألَ


(١) جامع البيان ١٦/ ٤٧٧. وينظر: ١٥/ ٢٨، ٣٨٦، ١٨/ ١٨ - ١٩، ٢١/ ١٥٣، ٢٣/ ٤٤٣، ٢٤/ ٢٧.
(٢) الزِّينةُ في الكلمات الإسلامية (ص: ١٣١ - ١٣٣).
(٣) غريب الحديث ٢/ ٣٨٨.

<<  <   >  >>