للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قولِه تعالى ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ﴾ [يونس: ٦٣] قرَّرَ أنَّ ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ [يونس: ٦٣] في محلِّ رفعٍ، وقالَ: «وإنَّما كانَ كذلك وإن كانَ مِنْ نعتِ الأولياءِ؛ لمجيئِه بعد خبرِ الأولياءِ، والعربُ كذلك تفعلُ .. ، كما قالَ الله ﴿قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ﴾ [سبأ: ٤٨]» (١)، وقالَ أيضاً: «وبعدُ، فإنَّ في قراءةِ أُبيِّ بن كعبٍ .. ﴿وقدْ تركوكَ أنْ يعبُدوك وآلِهَتَك﴾ [الأعراف: ١٢٧] دلالَةً واضِحةً على أنَّ نصبَ ذلك على الصَّرفِ (٢) (٣).

وشواهدُ القرآنِ عند ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) أقوى وأصدقُ مِنْ كُلِّ حُجَّةٍ، كما في قولِه بعدما ذكرَ شواهدَ أشعارِ العربِ على بعضِ أساليبِها في الكلامِ: «ومِنه قولُ الله؛ وهو أصدقُ قيلٍ، وأثبتُ حُجَّةً: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ [يونس: ٢٢]، فخاطبَ، ثُمَّ رجعَ إلى الخبرِ عن الغائبِ، ولم يقُلْ: وجرَيْن بكم» (٤).

٢ - الحديثُ النَّبوي، وهو أجلُّ ما تثبتُ به اللُّغةُ بعد كتابِ الله تعالى، ورسولُ الله أفصحُ العربِ قاطبةً، ولا يتقدَّمُ كلامَه في الفصاحةِ والبيانِ كلامُ بشرٍ بإجماعٍ (٥)، قالَ الشّافعي (ت: ٢٠٤): «ولسانُ العربِ أوسَعُ الألسنةِ مَذهباً، وأكثرُها ألفاظاً، ولا نعلمُه يُحيطُ بجميعِ


(١) جامع البيان ١٢/ ٢١٣.
(٢) مصطلحٌ نحويٌّ كوفيٌّ، سبق التَّعريفُ به (ص: ٢٠٦).
(٣) جامع البيان ١٠/ ٣٦٦. وينظر: ١/ ١٤٩، ١٦٦، ٥٥١، ٥/ ٥٣٣، ٧١٥، ١٤/ ١٤٤، ٢١/ ١٣٤، ٣٩٨.
(٤) جامع البيان ١/ ١٥٦.
(٥) ينظر: المزهر ١/ ١٦٥، وفيض نشر الانشراح ١/ ٤٤٦، وفي أصول النحو (ص: ٤٧).

<<  <   >  >>