للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علمِه إنسانٌ غيرُ نبيٍّ» (١). وقد سارَ على الاحتجاجِ بحديثِ النَّبي في اللُّغةِ والنَّحو عامَّةُ أئِمَّةِ اللُّغةِ، ولا يُعلمُ عن أحدِهم التوقُّفُ في ذلك، حتى ظهرَ بعضُ علماءِ اللُّغةِ المتأخِّرين (٢) ومنعَ مِنْ الاستشهادِ بالحديثِ لتصحيحِ قواعدِ العربيَّةِ وأحكامِها؛ لبعضِ العِللِ (٣). ولم يلتفِت الأئمَّةُ المُحقِّقون إلى ذلك القولِ، بعد أن بيَّنوا خطأَه، بل انعقدَ إجماعُهم العمليُّ على خِلافِه، قالَ ابنُ الطَّيّبِ الفاسي (٤) (ت: ١١٧٠): «ما رأيتُ أحداً مِنْ الأشياخِ المُحقِّقين إلا وهو يستدلُّ بالأحاديثِ على القواعدِ النَّحويَّةِ والألفاظِ اللغويَّةِ، ويستنبطون مِنْ الأحاديثِ النَّبويَّةِ الأحكامَ النَّحويَّةَ والصَّرفيَّةَ واللغويَّةَ، وغيرَ ذلك مِنْ أنواعِ العلومِ اللسانيَّةِ، كما يستخرجون مِنها الأحكامَ الشَّرعيَّةَ» (٥)، وبحسبِ ما حقَّقَته إحدى


(١) الرسالة (ص: ٤٢). وينظر: الصّاحبي (ص: ٢٤).
(٢) أوَّلُ مَنْ أظهرَ هذا القولَ أبو الحسن ابنُ الضّائعِ (ت: ٦٨٠)، وتبعَه أبو حيّان الأندلسيّ (ت: ٧٤٥).
(٣) تعرَّضَ لهذه المسألةِ بشيءٍ مِنْ التَّفصيلِ السيوطيُّ (ت: ٩١١) في الاقتراح في أصول النحو ١/ ٤٤٦، والبغداديُّ (ت: ١٠٩٣) في خزانة الأدب ١/ ٩، وأوفى مَنْ تكلَّمَ عنها وأجادَ ابنُ الطيّبِ الفاسي (ت: ١١٧٠) في كتابَيْه: شرح كفايةِ المتحفّظ (ص: ٩٦)، وفيض نشر الانشراح ١/ ٤٤٦. وفي ضوابط الفكر النحوي ١/ ٣٣٩ تحريرٌ جيّدٌ لأقوالِ العلماءِ، وجمعٌ وافٍ للأبحاثِ المعاصرةِ حولَها.
(٤) محمد بن الطِّيب بن محمد الفاسيّ المغربيّ المالكيّ، عالمٌ لُغويٌّ مُحدِّثٌ، صنَّفَ: إضاءَة الرّاموس، وله حاشية على الجلالَيْن، وغيرها، مات سنة (١١٧٠). ينظر: سلك الدُّرر ٤/ ٩١، وفهرس الفهارس ٢/ ١٠٦٧.
(٥) شرح كفاية المتحفظ (ص: ١٠٠).

<<  <   >  >>