للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الباحثاتِ (١) فقد بلغَ ما استشهدَ به أئمَّةُ النَّحوِ الأوائلِ مِنْ الحديثِ (٨٧) حديثاً شريفاً، و (٢٩) أثراً عن الصَّحابةِ (٢).

ولعلَّ مِنْ سببِ قلَّةِ تلك الشَّواهدِ بالنِّسبةِ إلى غيرِها ما نعلمُه مِنْ تهيُّبِهم مِنْ نِسبةِ شيءٍ إلى رسولِ الله دون العلمِ بثبوتِه، ولم يكُنْ مِنْ شأنِ أهلِ اللُّغةِ الفحصُ عن ذلك، ولم تظهرْ مجاميعُ الحديثِ المعتمَدةِ -كالصَّحيحَينِ والسُّننِ الأربعةِ ومُسندِ أحمدَ- إلا بعد استِتْمامِ البناءِ لأصولِ كلامِ العربِ وقواعدِه بسنينَ طويلةٍ (٣).

وقد سارَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في تفسيرِه على هذا النَّهجِ، ومِن شواهدِ استدلالِه بالحديثِ على مسألةٍ لغويّةٍ قولُه: «فإن قالَ: فإن كانَ جائزاً أن يُقالَ لمن عبدَ الله: ألَهَه. على تأويلِ ابنِ عبّاسٍ ومُجاهدٍ، فكيف الواجبُ في ذلك أن يُقالَ إذا أرادَ المُخبِرُ الخَبرَ عن استيجابِ الله ذلك على عبدِه؟ قيلَ: أمّا الرِّوايةُ فلا روايةَ به عندنا، ولكنَّ


(١) هي د. خديجة الحديثي، في كتابِها: موقفُ النُّحاةِ مِنْ الاحتجاجِ بالحديثِ الشَّريف (ص: ٨٨)، وقد جمعَت إحصائَها ممّا ذكرَه أبو عمرو بن العلاءِ (ت: ١٥٤)، والخليلُ بن أحمد (ت: ١٧٥)، وسيبويه (ت: ١٨٠)، والفرّاء (ت: ٢٠٧)، والمُبرِّد (ت: ٢٨٥)، والزَّجاج (ت: ٣١١)، وغيرُهم مِنْ أئِمةِ اللغةِ المتقدِّمين.
(٢) وينظر: النُّحاة والحديث النبوي الشريف (ص: ٩٣)، والحديث النبوي الشريف وأثره في الدراسات اللغوية والنحوية (ص: ٣٣٥)، ففيهما إحصاءات وشواهد لبناءِ أئمةِ اللغةِ قواعدَها على الحديثِ النبويّ الشّريفِ.
(٣) رجَّحَ بعضُ الباحثين أنَّ البخاريَّ فرغَ مِنْ تأليفِ كتابِه الصَّحيحِ سنةَ (٢٣٣)، وذلك بعدَ أن دُوِّنَ النَّحوُ في كتابِ سيبويه بما يزيدُ عن نصفِ قرنٍ. ينظر: ضوابط الفكر النحوي ١/ ٣٧٠.

<<  <   >  >>