للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باباً في خصائِصِه بعنوانِ: (بابٌ في صدقِ النَّقَلةِ، وثِقةِ الرُّواةِ والحَمَلةِ) (١)، وقرَّرَ ابنُ الأنباري (٢) (ت: ٥٧٧) هذا الشَّرطَ بقولِه: «أن يكونَ ناقلُ اللُّغةِ عدلاً؛ رجلاً كانَ أو امرأةً، حُرّاً كانَ أو عبداً» (٣).

وعلى هذا سارَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في تفسيرِه، فلا يقبلُ اللُّغةَ إلا عن ثِقةٍ، كما في قولِه: «وقد زعمَ بعضُهم أنَّ الوِزرَ: الثِّقلُ والحِملُ. ولستُ أعرفُ ذلك كذلك في شاهدٍ، ولا مِنْ روايةِ ثِقةٍ عن العربِ» (٤)، وفي قولِه تعالى ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ [طه: ١٥]، أجابَ عمَّن جعلَ الإخفاءَ بمعنى: الإظهارَ. فقالَ: «الذين وجَّهوا معناه إلى الإظهارِ إنَّما اعتمدوا على بَيْتٍ لامرئِ القَيسِ بن عابِسٍ الكِنديِّ. حُدِّثتُ عن معمرِ بن المُثَنّى أنَّه قالَ: أَنشَدَنيه أبو الخطّابِ، عن أهلِه في بَلَدِه (٥):

فإنْ تَدفِنوا الدّاءَ لا نُخْفِه … وإن تَبعثوا الحربَ لا نقعُدِ

بضَمِّ النّونِ مِنْ: نُخْفِه. ومعناه: لا نُظهِرْه. فكانَ اعتمادُهم في تَوْجيه الإخفاءِ في هذا المَوضِعِ إلى الإظهارِ على ما ذَكروا مِنْ سماعِهم هذا البَيْت، على ما وصَفتُ مِنْ ضَمِّ النّونِ مِنْ: نُخْفِه. وقد أنشَدَني الثِّقةُ عن الفرّاءِ:


(١) الخصائص ٢/ ٥٠٢.
(٢) عبد الرَّحمن بن محمد الأنباري، أبو البركاتِ كمال الدّين، الأديبُ اللُّغويُّ، صنَّف: البيان في غريبِ إعرابِ القرآن، ونزهة الألبّاء، وغيرها، مات سنة (٥٧٧). ينظر: إنباه الرّواة ٢/ ١٦٩، وبغية الوُعاة ٢/ ٨٦.
(٣) لمع الأدلة (ص: ٨٥). وينظر: الخصائص ١/ ٤١١، والمزهر ١/ ٤٨، والاقتراح في أصول النَّحو ١/ ٥٦٣.
(٤) جامع البيان ٩/ ٢١٦.
(٥) البيت مَنسوبٌ في مجاز القرآن ٢/ ١٧، ولسان العرب ١٨/ ٢٥٦، لامرئِ القَيْس بن عابس ، وهو صحابيٌّ شاعرٌ، كما في أُسْد الغابة ١/ ١٣٧. والبيتُ أيضاً في ديوان امرئِ القَيْس بن حُجْر (ص: ١٨٦).

<<  <   >  >>