للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرِّواياتِ عن أهلِ التَّأويلِ مِنْ السَّلفِ؛ ممّن يدخلُ في شرطِ الاحتجاجِ في لُغةِ العربِ.

وقد أثمرَ هذا النَّوعُ مِنْ الاحتجاجِ اللُّغويِّ قوَّةً في استدلالاتِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) على المعاني، وزادَ دليلَ اللُّغةِ ثراءً، واتِّساعاً. وقد جاءَ مُعظمُه في بيانِ معاني ألفاظِ القرآنِ وأساليبِه مِنْ جِهةِ العربيَّةِ، ومِن شواهدِ ذلك قولُه ردّاً على بعضِ أئِمَّةِ اللُّغةِ في تفريقِه بين (السَّدِّ) و (السُّدِّ): «لم نجِدْ لذلك شاهداً يُبِينُ عن فُرقانِ ما بين ذلك على ما حُكيَ عنهما، وممّا يُبينُ عن أنَّ ذلك كذلك أنَّ جميعَ أهلِ التَّأويلِ الذين رُويَ لنا عنهم في ذلك قولٌ، لم يُحْكَ لنا عن أحدٍ مِنهم تفصيلٌ بين فتحِ ذلك وضَمِّه، ولو كانا مُختلفَيْ المعنى لنُقلَ الفَصْلُ مع التَّأويلِ، إنْ شاءَ الله، ولكنْ معنى ذلك كانَ عندهم غيرَ مُفترقٍ، ففسَّروا الحرفَ بغَيْرِ تفصيلٍ مِنهم بين ذلك» (١)، وقولُه: «الدُّلوكُ في كلامِ العربِ: المَيْلُ. يُقالُ مِنه: دلكَ فُلانٌ إلى كذا. إذا مالَ إليه. ومِنه الخبرُ الذي رُويَ عن الحسنِ: أنَّ رجلاً قالَ له: أَيُدالِكُ الرَّجلُ امرأتَه؟ يعني بذلك: أيَميلُ بها إلى المُماطلةِ بحقِّها؟» (٢)، وقولُه: «والأحقافُ ما وصَفتُ مِنْ الرَّمالِ المُستطيلةِ المُشرِفةِ، كما قالَ العجّاجُ:

باتَ إلى أرْطاةِ حِقْفٍ أحْقَفا

وكما حدَّثني .. » (٣)، ثُمَّ أسندَ عن ابنِ زيدٍ (ت: ١٨٢) قولَه:


(١) جامع البيان ١٥/ ٣٨٦.
(٢) جامع البيان ١٥/ ٢٨.
(٣) جامع البيان ٢١/ ١٥٣.

<<  <   >  >>