للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أبي ذُؤَيبٍ الهُذليِّ (١) في صفةِ فرسٍ» (٢)، وقولِه: «واستشهدوا على ذلك مِنْ قولِهم بقَولِ ذي الرُّمَّةِ في صفةِ نارٍ نَعَتَها» (٣).

ومِن المسائِلِ المُتعلِّقةِ بمعاني الشَّواهدِ في بابِ الاستدلالِ، ما قرَّرَه العلماءُ مِنْ أنَّه: لا يُلتفَتُ إلى ما في الشّاهدِ مِنْ المعاني النازلةِ وما يُستحيا مِنْ ذِكرِه، وأكثرُ ما يرِدُ ذلك في الأشْعارِ والأمْثالِ، وعلى ذلك عامَّةُ العلماءِ مِنْ أهلِ اللُّغةِ والغريبِ والتَّفسيرِ وغيرِهم؛ لأنَّ الغرضَ مِنْ إيرادِها معرفةُ وجْهِ كلامِ العربِ، وسَنَنِ كلامِها، وما أرادوه مِنْ المعاني، بغضِّ النَّظرِ عمّا سوى ذلك مِنْ قبيحِ الألفاظِ والأغراضِ، وفي ذلك يقولُ الجُرجانيّ (ت: ٤٧١): «راوي الشِّعرَ حاكٍ، وليس على الحاكي عَيبٌ، ولا عليه تَبِعةٌ، إذا هو لم يقصِدْ بحكايتِه أن ينصُرَ باطِلاً، أو يَسوءَ مُسلِماً، وقد حكى الله تعالى كلامَ الكُفّارِ. فانظُرْ إلى الغرضِ الذي رُويَ له الشِّعرُ، ومِن أجلِه أُريدَ، وله دُوِّنَ .. ، وقد استشهدَ العلماءُ لغَريبِ القرآنِ وإعرابِه بالأبياتِ فيها الفُحشُ، وفيها ذِكرُ الفعلِ القَبيحِ، ثُمَّ لم يَعِبْهم ذلك؛ إذْ كانوا لم يَقصِدوا إلى ذلك الفُحشِ ولم يُريدوه، ولم يَرْوُوا الشِّعرَ مِنْ أجلِه» (٤)، وقالَ الآلوسيّ (ت: ١٢٧٠): «وقد ذَمَّ العلماءُ جريراً والفرزدق (٥) في


(١) خُوَيْلد بن خالد بم مُحرِّث الهُذَليّ، أبو ذُؤَيب، شاعرٌ فحلٌ مِنْ المُخضرمين، أسلمَ وحسُنَ إسلامُه، وماتَ في غزاةٍ في إفريقية مع عبد الله بن الزُّبَيْر . ينظر: الشّعر والشّعراء (ص: ٦٥٣)، والأغاني ٦/ ١٨٧.
(٢) جامع البيان ٩/ ٣٣٥. وينظر: ٧/ ٢٩٣، ٨/ ٩٢، ١٠/ ٣٤٨.
(٣) جامع البيان ٧/ ٧٠٤.
(٤) دلائل الإعجاز (ص: ١٢).
(٥) همّامُ بن غالب بن صَعْصَعة بن ناجية المُجاشعيّ، والفرزدقُ لقبُه، مِنْ أشعرِ أهلِ الإسلامِ، وديوانُه مطبوعٌ، مات سنة (١١٠). ينظر: الشّعر والشّعراء (ص: ٤٧١)، والأغاني ٢١/ ١٩٣.

<<  <   >  >>