للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تهاجيهِما، ولم يذُمّوا مَنْ استشهدَ بذلك على إعرابٍ وغَيرِه مِنْ عِلمِ اللسانِ» (١). وفي تركِ الاستشهادِ بمثلِ ذلك مِنْ كلامِ العربِ فَوتُ ذخيرةٍ كثيرةٍ مِنْ ألفاظِ العربِ، وأساليبِ كلامِها، وما يتبعُ ذلك مِنْ أحوالِها، قالَ العسكريّ (ت: ٣٩٥): «على أنَّ العلماءَ لو تركوا روايةَ سخيفِ الشِّعرِ لسقطَتْ عنهم فوائدُ كثيرةٌ، ومحاسِنُ جَمَّةٌ مَوْفورةٌ، في مِثلِ شعرِ الفرزدقِ، وجريرٍ، والبَعيثِ (٢)، والأخطلِ (٣)، وغيرِهم» (٤).

وهذا النَّوعُ مِنْ الشَّواهدِ قليلٌ جدّاً في تفسيرِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) مُقارنةً بعددِ الشَّواهدِ في تفسيرِه (٥)، وهذا يدُلُّ على حُسنِ انتِقاءِه لشواهدِه، وكثرةُ الشَّواهدِ عند العالمِ في المسألةِ الواحدةِ والمعنى الواحدِ يُعينُ على اختيارِ الأكملِ مِنها معنىً.

ومع ذلك فابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) لا يتحرَّجُ مِنْ إيرادِ تلك الشَّواهدِ عند الحاجةِ، بل ربَّما كرَّرَ ذكرَ بعضِها في أكثرَ مِنْ موضِعٍ، ويرى أنَّ


(١) روح المعاني ١٩/ ٢٠١.
(٢) خِداشُ بن بِشر بن خالد المُجاشعيّ، أبو مالك التَّميميّ، والبَعيثُ لقبُه، أخطَبُ بني تميمٍ، شاعرٌ مُجيدٌ. ينظر: طبقات فحول الشّعراء ٢/ ٥٣٤، و الشّعر والشّعراء (ص: ٤٩٧).
(٣) غياثُ بن غَوث بن الصَّلت التَّغلبيّ، أبو مالك، والأخطلُ لقبٌ غلبَ عليه، شاعرٌ نصرانيٌّ فحلٌ مُجيدٌ، مِنْ طبقةِ جريرٍ والفرزدقِ. ينظر: الشّعر والشّعراء (ص: ٤٨٣)، والأغاني ٨/ ٢٠١.
(٤) ديوان المعاني ١/ ٤٣١.
(٥) وقد بلغَت: (٢٢٦٠) شاهداً. ينظر: الشّاهد الشِّعري في تفسيرِ القرآن الكريم (ص: ٣٩٨).

<<  <   >  >>