للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«المَعنى: حدِّثوا عن بني إسرائيلَ بما لا تعلمون كَذِبَه، وأمّا ما تُجوِّزونَه فلا حرجَ عليكم في التَّحدُّثِ به عنهم» (١). كما أرشدَ القرآنُ إلى إباحةِ التَّحديثِ عنهم فيما اتَّفقوا فيه وما اختلفوا فيه، فقالَ تعالى عن عِدَّةِ أصحابِ الكَهفِ: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ﴾ [الكهف: ٢٢].

الثَّالثةُ: إرشادُ الأمَّةِ إلى الموقِفِ مِمَّا لا تعلمُ صِدقَه أو كَذِبَه مِنْ أخبارِهم، وذلك في قولِه : «ما حدَّثَكم أهلُ الكتابِ فلا تُصدِّقوهم ولا تُكذِّبوهم، وقولوا: آمنّا بالله ورسولِه. فإن كانَ باطِلاً لم تُصدِّقوه، وإن كانَ حَقّاً لم تُكذِّبوه» (٢)، قالَ ابنُ تيميّة (ت: ٧٢٨): «وإنَّما أمرَ النَّبي بهذا لأنّا قد أُمِرنا أن نُؤمنَ بما أُنْزِلَ إليهم، وقد أخبرَ الله تعالى أنَّهم يَكذِبون ويُحرِّفون، فما حدَّثوا به إذا لم نعلَمْ صِدقَهم فيه ولا كَذبَهم لم نُكَذِّبه؛ لجوازِ أن يكونَ مِمَّا أُنزلَ، ولم نُصدِّقه؛ لجوازِ أن يكونَ مِمَّا كَذَبوه» (٣)، ومِن ثَمَّ قَسَمَ العلماءُ الموقِفَ مِنْ أخبارِ بني إسرائيلَ إلى ثلاثةِ أقسامٍ (٤)، وهي:


(١) المرجع السابق. وينظر: أحكام القرآن، لابن العربي ٣/ ٣٤٧.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه ٤/ ٢٣٨ (٣٦٤٤)، وعبد الرزاق في مصنفه ٦/ ١١٠ (١٠١٦٠)، وأحمد في مسنده ٢٨/ ٤٦٠ (١٧٢٢٥)، وإسناده حسن. وله شاهدٌ مختصرٌ عند البخاري في صحيحه ٦/ ٢٠ (٤٤٨٥).
(٣) تلخيص كتاب الاستغاثة ٢/ ٥٨٢.
(٤) ينظر: جامع البيان ١٨/ ٤٢١، ومجموع الفتاوى ١٣/ ٣٦٦، وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير ١/ ١٠.

<<  <   >  >>