للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحُكمِ عليها، فلا يُزادُ على مِقدارِ الحاجةِ مِنها؛ لأنَّها مَقصودةٌ لغيرِها لا لِذاتِها.

وثانيهما: دِقَّةُ تمييزِهم بين ما وردَت به الآياتُ مِنْ المعاني، وما زادَته الإسرائيليّاتُ عليها، ومِن ذلك قولُ ابنِ إسحاق (ت: ١٥٠): «فهذا ما وصلَ إلينا في كتابِ الله مِنْ خبرِ موسى فيما طلبَ مِنْ النَّظرِ إلى رَبِّه، وأهلُ الكتابِ يَزعُمون وأهلُ التَّوراةِ أنْ قد كانَ لذلك تَفسيرٌ وقِصَّةٌ وأُمورٌ كثيرةٌ ومُراجعَةٌ لم تَأتِنا في كتابِ الله. فالله أعلمُ» (١)، وكذا قَولُه: «خرجَت الرُّسلُ -فيما يَزعمُ أهلُ التَّوراةِ- مِنْ عند إبراهيمَ إلى لوطٍ بالمؤتَفِكةِ، فلمّا جاءَت الرُّسلُ لوطاً ﴿سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا﴾ [هود: ٧٧]، وذلك مِنْ خَوفِ قَومِه عليهم، أن يَفضَحوه في ضَيفِه، فقالَ: ﴿هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾ [هود: ٧٧]» (٢). وقد ظهرَ أثرُ ذلك في دِقَّةِ تعبيرِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) عن نَحوِ ذلك مِنْ المعاني، كما في قولِه: «وقولِه ﴿وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى﴾ [يس: ٢٠]. يقولُ: وجاءَ مِنْ أقصى مدينةِ هؤلاءِ القَومِ الذين أَرسَلتُ إليهم هذه الرُّسلَ، رجلٌ يسعى إليهم، وذلك أنَّ أهلَ مدينتِه هذه عزموا واجتمَعَت آراؤُهم على قتلِ هؤلاءِ الرُّسلِ الثَّلاثةِ -فيما ذُكرَ-، فبلغَ ذلك هذا الرَّجلَ، وكانَ منزِلُه أقصى المدينةِ، وكانَ مُؤمِناً، وكانَ اسمُه -فيما ذُكرَ- حبيبُ بن مُرَى» (٣).

٤ - سعةُ عِلمِهم بأخبارِ أهلِ الكتابِ، وفيهم مَنْ اشتُهرَ بذلك،


(١) جامع البيان ١٠/ ٤٢٠.
(٢) جامع البيان ١٢/ ٤٩٧.
(٣) جامع البيان ١٩/ ٤١٩.

<<  <   >  >>