للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كعبدِ الله بن عمروِ بن العاصِ ، وكعبِ الأحبارِ (ت: ٣٢)، ووَهبِ بن مُنبِّهٍ (ت: ١١٤)، ومحمّدِ بن إسحاقَ (ت: ١٥٠)، ونَحوِهم.

ثُمَّ مرويّاتُ السَّلفِ مِنْ تلك الأخبارِ على مراتبَ؛ أعلاها ما وردَ عن الصَّحابةِ ، قالَ ابنُ تيميّة (ت: ٧٢٨): «ما نُقِلَ في ذلك عن بعضِ الصَّحابةِ نَقلاً صحيحاً فالنَّفسُ إليه أسكَنُ مِمّا نَقِلَ عن بعضِ التّابعين؛ لأنَّ احتمالَ أن يكونَ سمِعَه مِنْ النَّبيِّ ، أو مِنْ بعضِ مَنْ سمِعَه مِنه أقوى، ولأنَّ نقلَ الصَّحابةِ عن أهلِ الكتابِ أقلُّ مِنْ نقلِ التّابعين» (١).

وجُملةُ القَولِ إنَّ ورودَ الخبرِ الإسرائيليّ عن السَّلفِ مزيَّةٌ، فلا غرابةَ في اقتصارِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) على النَّقلِ عن السَّلفِ في هذا البابِ بلا زيادةٍ.

ثانياً: يستعينُ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) بكلامِ أهلِ العلمِ بالتّاريخِ والسِّيَرِ والأنسابِ في تحريرِ الأخبارِ الإسرائيليّةِ، ونَقدِها، وتقريرِ ما يُقبَلُ مِنها وما يُرَدُّ؛ وذلك أنَّهم أهلُ هذا الفَنِّ، والمُقَدَّمون فيه، فإجماعُهم فيه مُعتبَرٌ، وتتابُعُ أقوالِهم فيه مُقَدَّمٌ، وهذا منهجُ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) في جميعِ الفنونِ؛ فأهلُ التّأويلِ في التَّفسيرِ، وأهلُ القراءاتِ في القراءةِ، وأهلُ الحديثِ في الرِّوايةِ، وأهلُ الأُصولِ والفقهِ في الأحكامِ، وأهلُ اللُّغةِ في اللُّغةِ، وهكذا في سائِرِ العلومِ (٢)، وهذا مِنه غايةٌ في الإنصافِ، وكمالِ العقلِ، ورسوخِ العلمِ، مع كونِه أيضاً مِنْ أهلِ العلمِ


(١) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٤٥.
(٢) ينظر ما سبقَ ذِكرُه (ص: ٢٧٦).

<<  <   >  >>