للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالتّاريخِ والسِّيَرِ والأنسابِ، بل كتابُه في التّاريخِ مِنْ أجلِّ الكُتُبِ في بابِه.

ومِن شواهدِ ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٢١]: «وأَولى الأقوالِ في ذلك بالصَّوابِ أن يُقالَ: هي الأرضُ المُقدَّسةُ. كما قالَ نبيُّ الله موسى ؛ لأنَّ القَولَ في ذلك بأنَّها أرضٌ دون أرضٍ، لا تُدرَكُ حقيقةُ صِحَّتِه إلا بالخبرِ، ولا خبرَ بذلك يجوزُ قطعُ الشَّهادةِ به، غيرَ أنَّها لن تَخرُجَ مِنْ أن تكونَ مِنْ الأرضِ التي بين الفُراتِ وعريشِ مِصرَ؛ لإجماعِ جميعِ أهلِ التَّأويلِ والسِّيَرِ والعلماءِ بالأخبارِ على ذلك» (١)، وقولُه في قولِه تعالى ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا﴾ [المائدة: ٢٧]: «وأَولى القَولَيْن في ذلك عندي بالصَّوابِ أنَّ اللذَيْن قرَّبا القُربانَ كانا ابنَيْ آدمَ لِصُلبِه، لا مِنْ ذُرِّيَّتِه مِنْ بني إسرائيلَ؛ وذلك أنَّ الله ﷿ يتعالى عن أن يُخاطِبَ عبادَه بما لا يُفيدُهم به فائدةً، والمُخاطَبون بهذه الآيةِ كانوا عالِمين أنَّ تقريبَ القُربانِ لله لم يكُن إلا في ولَدِ آدمَ، دون الملائِكةِ والشَّياطينِ وسائرِ الخَلقِ غيرِهم .. ، وإذْ كانَ غيرَ جائزٍ أن يُخاطبَهم خطاباً لا يُفيدُهم به معنىً، فمَعلومٌ أنَّه عَنى ابنَيْ آدمَ لِصُلبِه، لا ابنَيْ بَنيه اللذِين بَعُدَ مِنه نَسَبُهم، مع إجماعِ أهلِ الأخبارِ والسِّيَرِ والعلمِ بالتَّأويلِ على أنَّهما كانا ابنَيْ آدمَ لِصُلبِه، وفي عهدِ آدمَ وزمانِه، وكفى بذلك شاهِداً» (٢)، وقولُه في قولِه تعالى ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾


(١) جامع البيان ٨/ ٢٨٦.
(٢) جامع البيان ٨/ ٣٢٥.

<<  <   >  >>