للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَفعلون ما أمرَهم الله به مِنْ ذَبحِ البَقرةِ للخَلَّتين كلتَيْهما؛ إحداهما: غلاءُ ثَمنِها، مع ما ذُكرَ لنا مِنْ صِغرِ خطرِها، وقِلَّةِ قيمَتِها. والأُخرى: خَوفُ عظيمِ الفَضيحةِ على أنفُسِهم بإظهارِ الله نبيَّه موسى صلواتُ الله عليه وأتباعَه على قاتِلِه» (١)، ثُمَّ أسندَ كُلَّ ذلك. ومثلُه قولُه في قولِه تعالى ﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَابُشْرَى هَذَا غُلَامٌ﴾ [يوسف: ١٩]: «وفي الكلامِ مَحذوفٌ استُغنيَ بدلالةِ ما ذُكِرَ عليه فتُركَ، وذلك: فأدلى دَلوَه، فتعلَّقَ به يوسفُ فخرجَ، فقالَ المُدلي: يا بُشرى هذا غُلامٌ. وبالذي قُلنا في ذلك جاءَت الأخبارُ عن أهلِ التأويلِ» (٢).

الثّالثُ: دفعُ الشُّبَهِ وإزالةُ الإشكالاتِ، ومِن ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا﴾ [البقرة: ٣٦]: «فأمّا سببُ وصولِه إلى الجنَّةِ حتى كلَّمَ آدمَ بعد أن أخرجَه الله مِنها وطردَه عنها، فليس فيما رُويَ عن ابنِ عباسٍ ووَهبِ بن مُنبِّهٍ في ذلك معنىً يجوزُ لذي فَهمٍ مُدافعتُه .. ، فالقَولُ في ذلك أنَّه قد وصلَ إلى خطابِهما على ما أخبرَنا الله تعالى ذِكرُه، ومُمكِنٌ أن يكونَ وصلَ إلى ذلك بنحوِ الذي قالَه المُتأوِّلون، بل ذلك إن شاءَ الله كذلك؛ لتتابُعِ أقوالِ أهلِ التأويلِ على تَصحيحِ ذلك» (٣)، ومثلُ ذلك قولُه: «فإن قالَ قائلٌ: وكيف قالَ زكريّا وهو نبيُّ الله: ﴿رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ﴾ [آل عمران: ٤٠]. وقد بشَّرَته الملائكةُ بما بشَّرَته به عن أمرِ الله إيّاها به؟ أشِكَّ في صِدقِهم؟


(١) جامع البيان ٢/ ١١٤.
(٢) جامع البيان ١٣/ ٤٢. وينظر: ١/ ٤٦٢، ٥٦٩، ٦٤٥، ٢/ ٦، ٤٧، ٧٦، ١٢٠، ٤/ ٤٦٧، ٨/ ٢٩٠.
(٣) جامع البيان ١/ ٥٦٩.

<<  <   >  >>