للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عالَمٍ .. ، والعالَمُ اسمٌ لأصنافِ الأُمَمِ، وكلُّ صِنفٍ مِنها عالَمٌ، وأهلُ كلِّ قَرنٍ مِنْ كلِّ صِنفٍ مِنها عالَمُ ذلك القَرنِ وذلك الزَّمانِ، فالإنسُ عالمٌ، وكلُّ أهلِ زمانٍ مِنهم عالَمُ ذلك الزَّمانِ، والجِنُّ عالَمٌ، وكذلك سائرُ أجناسِ الخَلقِ .. ، وهذا القَولُ الذي قُلناه قَولُ ابنِ عباسٍ، وسعيدِ بن جُبَيرٍ، وهو معنى قولِ عامَّةِ المُفسِّرين» (١)، ثُمَّ ذكرَ أقوالَهم، ومِنها قَولُ أبي العاليةِ (ت: ٩٣): «الإنسُ عالَمٌ، والجِنُّ عالَمٌ، وما سِوى ذلك ثمانيةَ عشَرَ ألفَ عالَمٍ، أو أربعةَ عشَرَ ألفَ عالَمٍ -هو يشُكُّ- مِنْ الملائكةِ على الأرضِ، وللأرضِ أربعُ زَوايا، في كلِّ زاويةٍ ثلاثةُ آلافِ عالَمٍ وخمسُمائةِ عالَمٍ، خلقَهم لعبادتِه» (٢)، قالَ ابنُ كثيرٍ (ت: ٧٧٤) بعد أن أوردَه: «وهذا كلامٌ غريبٌ، يحتاجُ مِثلُه إلى دليلٍ» (٣)، فالشّاهدُ مِنْ قولِ أبي العاليةِ (ت: ٩٣) قَولُه: «الإنسُ عالَمٌ، والجِنُّ عالَمٌ»، وما بعد ذلك مِنْ تَفصيلٍ غريبٍ لا يؤَثِّرُ على الاستدلالِ به. (٤)

وقد أشارَ المُحقِّقُ محمودُ شاكر (ت: ١٤١٨) إلى ذلك المَنهجِ عند ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) فقالَ: «تبيَّنَ لي مِمّا راجَعتُه مِنْ كلامِ الطَّبريِّ، أنَّ استدلالَ الطَّبريِّ بهذه الآثارِ التي يَرويها بأسانيدِها، لا يُرادُ به إلّا تحقيقُ معنى لفظٍ، أو بيانُ سياقِ عبارةٍ .. ، وهذا مذهبٌ لا بأسَ به في الاستدلالِ، ومثلُه أيضاً ما يسوقُه مِنْ الأخبارِ والآثارِ التي لا يُشكُّ في ضَعفِها، أو في كَونِها مِنْ الإسرائيليّاتِ، فهو لم يسُقْها لتكونَ مُهيمِنةً


(١) جامع البيان ١/ ١٤٤.
(٢) جامع البيان ١/ ١٤٦.
(٣) تفسير القرآن العظيم ١/ ٢٠٨.
(٤) وينظر: جامع البيان ٢٠/ ٩٢ - ٩٣، ٩٤.

<<  <   >  >>