للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يسوغُ أن يُريدَه بكلامِه مَنْ كانَ مِنْ النّاطقين بلُغةِ العربِ؛ مِنْ غيرِ نظرٍ إلى المُتكلِّمِ بالقرآنِ، والمُنزَلِ عليه، والمُخاطبِ به .. ، والأوَّلون صِنفان:

١ - تارةً يَسْلبون لفظَ القرآنِ ما دلَّ عليه وأُريدَ به.

٢ - وتارةً يَحْملونَه على ما لم يدُلَّ عليه ولم يُرَدْ به.

وفي كلا الأمرَيْن قد يكونُ ما قصَدوا نفيَه أو إثباتَه مِنْ المَعنى باطِلاً؛ فيكون خطؤُهم في الدَّليلِ والمَدلولِ، وقد يكون حقّاً فيكونُ خطؤُهم في الدَّليلِ لا في المَدلولِ» (١)، ثُمَّ فصَّلَ ذلك فقالَ: «فالذين أخطئوا في الدَّليلِ والمَدلولِ -مثلُ طوائِفَ مِنْ أهلِ البِدعِ- اعتقدوا مَذهباً يُخالِفُ الحقَّ الذي عليه الأُمَّةُ الوَسَطُ الذين لا يجتمعون على ضَلالةٍ؛ كسلفِ الأُمَّةِ وأئِمَّتِها، وعَمدوا إلى القرآنِ فتأوَّلوه على آرائِهم؛ تارةً يستدلّون بآياتٍ على مذهبِهم ولا دلالَةَ فيها، وتارةً يتأوَّلون ما يُخالِفُ مذهبَهم بما يُحرِّفون به الكَلِمَ عن مواضِعِه، ومِن هؤلاءِ فِرَقُ الخوارجِ، والرَّوافضِ، والجَهميَّةِ، والمُعتزلةِ، والقدريَّةِ، والمُرجئةِ، وغيرِهم .. ، وأمّا الذين يُخطئون في الدَّليلِ لا في المَدلولِ فمثلُ كثيرٍ مِنْ الصّوفيَّةِ والوُعّاظِ والفُقهاءِ وغيرِهم؛ يُفسِّرون القرآنَ بمعانٍ صحيحةٍ لكنَّ القرآنَ لا يدُلُّ عليها؛ مثلُ كثيرٍ مِمّا ذكرَه أبو عبد الرَّحمن السُّلمي (٢) في (حقائقِ التَّفسيرِ). وإن كانَ فيما ذكروه ما هو معانٍ باطلةٍ فإنَّ ذلك يدخلُ


(١) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٥٥.
(٢) محمد بن الحُسين بن محمد الأزديّ النَّيسابوريّ، أبو عبد الرَّحمن السُّلميّ الأُمّ، حافظٌ محدِّثٌ، كبيرُ الصّوفيَّة، صنَّف: حقائق التَّفسير، والتّاريخ، مات سنة (٤١٢). ينظر: السّير ١٧/ ٢٤٧، وشذرات الذّهب ٥/ ٦٧.

<<  <   >  >>