للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في القِسمِ الأوَّلِ؛ وهو الخطأُ في الدَّليلِ والمَدلولِ جميعاً، حيث يكونُ المعنى الذي قصَدوه فاسِداً» (١).

كما أشارَ ابنُ تيميّة (ت: ٧٢٨) في أثناءِ ذلك إلى أصلٍ عظيمٍ يُعرفُ به الخطأُ في الدَّليلِ قَطعاً، فقالَ: «مَنْ عدلَ عن مذاهبِ الصَّحابةِ والتّابعين وتَفسيرِهم إلى ما يُخالِفُ ذلك كانَ مُخطِئاً في ذلك، بل مُبتَدِعاً، وإن كانَ مُجتهداً مَغفوراً له خطؤُه .. ، فمَن خالَفَ قولَهم، وفسَّرَ القرآنَ بخلافِ تفسيرِهم فقد أخطأَ في الدَّليلِ والمَدلولِ جميعاً» (٢).

ومِن ثَمَّ يتبيَّنُ أنَّ جميعَ أدلَّةِ المُبتدعةِ باطلةٌ؛ إمّا مِنْ جِهةِ أصلِ الدَّليلِ إذا خالفَ جنسَ أدلَّةِ السَّلفِ، وإمّا مِنْ جِهةِ منهجِ الاستدلالِ به، وأقوالُ السَّلفِ كما أنَّها حُجَّةٌ قاطِعةٌ في حَصرِ المعاني، فهي كذلك حُجَّةٌ قاطِعةٌ في حَصرِ الأدلَّةِ المُعتبرَةِ؛ فما استَعملَه السَّلفُ مِنْ الأدلَّةِ فصَوابٌ مُعتبَرٌ، وما لَم يستَعمِلوه فخطأٌ لا يُعتبَرُ.

وقد سبقَت الإشارةُ إلى بعضٍ مِنْ أدلَّةِ المُبتدعةِ، وشيءٍ مِنْ منهجِهم في الاستدلالِ؛ مِنْ كلامِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) (٣)، ومِن قولِه في ذلك: «ولأهلِ هذه المَقالَةِ مسائِلُ فيها تلبيسٌ، كرِهنا ذِكرَها وإطالَةَ الكِتابِ بها وبالجوابِ عنها؛ إذْ لم يكُن قصدُنا في كتابِنا هذا قصدَ الكَشفِ عن تمويهاتِهم، بل قصدُنا فيه البيانُ عن تأويلِ آيِ الفُرقانِ، ولكنَّا ذَكَرنا القَدرَ الذي ذكرنا؛ ليَعلَمَ النَّاظِرُ في كتابِنا هذا أنَّهم لا


(١) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٥٦.
(٢) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٦٢.
(٣) (ص: ١٣٧، ٣٣٨).

<<  <   >  >>