للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالدَّليلِ، إذْ كلُّ ما ثبتَ دليلاً شرعيّاً وجبَ العملُ به قطعيّاً كانَ أو ظنيّاً ظاهراً راجِحاً. ومِن ثَمَّ قرَّرَ العلماءُ أنَّ الأدلَّةَ الشَّرعيَّةَ النَّقليَّةَ تُفيدُ العلمَ قطعيَّةً كانَت أو ظنيَّةً؛ أمّا القَطعيَّةُ فتُفيدُ العلمَ باطِّرادٍ، «وهذا مِمّا لا خلافَ فيه بين العلماءِ في الجُملةِ» (١)، ويجبُ اعتقادُ مدلولِها علماً وعملاً، ولا يسوغُ فيها الاختلافُ، قالَ الشّافعي (ت: ٢٠٤): «أمّا ما كانَ نصَّ كتابٍ بيِّنٍ، أو سُنَّةٍ مُجتمَعٍ عليها، فالعُذرُ فيها مَقطوعٌ، ولا يسَعُ الشَّكُّ في واحدٍ مِنهما، ومَن امتنعَ مِنْ قبولِه استُتيبَ» (٢)، وقالَ أيضاً: «كلُّ ما أقامَ الله به الحُجَّةَ في كتابِه، أو على لِسانِ نبيِّه مَنصوصاً بيِّناً = لم يَحلَّ الاختلافُ فيه لمَن علِمَه» (٣).

وأمّا الظَّنيَّةُ فتُفيدُ العلمَ بما ينضَمُّ إليها مِنْ القرائِنِ الحاليَّةِ؛ كالتَّواتُرِ، وتعدُّدِ الطُّرقِ، وغيرِها، «وهذا الصَّحيحُ الذي عليه أئِمَّةُ السَّلفِ وغيرُهم» (٤)، قالَ الشّافعي (ت: ٢٠٤): «فأمّا ما كانَ مِنْ سُنَّةٍ مِنْ خبرِ الخاصَّةِ الذي قد يختلفُ الخبرُ فيه؛ فيكونُ الخبرُ مُحتمِلاً للتأويلِ، وجاءَ الخبرُ فيه مِنْ طريقِ الانفرادِ = فالحُجَّةُ فيه عندي أن يلزمَ العالَمين، حتى لا يكونَ لهم رَدُّ ما كانَ مُنصوصاً مِنه، كما يَلزمُهم أن يقبَلوا شهادَةَ العُدولِ» (٥)، وقالَ ابنُ تيميّة (ت: ٧٢٨): «وأمّا القسمُ الثّاني وهو الظّاهرُ، فهذا يجبُ العملُ به في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ باتِّفاقِ


(١) مجموع الفتاوى ٢٠/ ٢٥٧.
(٢) الرِّسالة (ص: ٤٦٠).
(٣) الرِّسالة (ص: ٥٦٠).
(٤) شرح الكوكب المنير ١/ ٢٩٢.
(٥) الرِّسالة (ص: ٤٦١).

<<  <   >  >>