للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلماءِ المُعتَبَرين» (١)، وقالَ الشّاطبي (ت: ٧٩٠): «قامَ الدَّليلُ القَطعيُّ على أنَّ الدَّلائلَ الظَّنيَّةَ تجري في فروعِ الشَّريعةِ مَجرى الدَّلائلِ القَطعيَّةِ .. ، فالعملُ على مُقتضى الظَّنِّ صحيحٌ .. ، فإنَّ القَطعَ مع الظَّنِّ مُستويان في الحُكمِ» (٢).

الثّالثةُ: أنَّ الحُكمَ بقَطعيَّةِ دليلٍ أو ظَنيَّتِه نِسبيٌّ يتفاوتُ فيه العُلماءُ، قالَ ابنُ تيميّة (ت: ٧٢٨): «القَطعُ والظَّنُّ يكونُ بحسبِ ما وصلَ إلى الإنسانِ مِنْ الأدلَّةِ، وبحسبِ قُدرتِه على الاستدلالِ، والنّاسُ يختلفون في هذا وهذا، فكونُ المسألةِ قطعيَّةً أو ظنيَّةً ليس هو صِفةً مُلازمةً للقولِ المُتنازَعِ فيه» (٣)، وقالَ ابنُ القيّم (ت: ٧٥١): «كونُ الدَّليلِ مِنْ الأمورِ الظَّنيَّةِ أو القَطعيَّةِ أمرٌ نِسبيٌّ، يختلفُ باختلافِ المُدرِكِ المُستدِلِّ، ليس هو صِفةً للدَّليلِ نَفسِه، فهذا أمرٌ لا يُنازِعُ فيه عاقلٌ» (٤).

كما أنَّ درجةَ القطعِ والظَّنِّ في الدَّليلِ الواحدِ تتفاوَتُ في نَفسِ العالِمِ، فتتزايَدُ وتتناقصُ بحسَبِ ما يقومُ بنَفسِ العالِمِ مِنْ الشَّواهدِ والقرائنِ، قالَ أبو يعلى (ت: ٤٥٨): «الظَّنُّ يتزايَدُ، ويكونُ بعضُ الظَّنِّ أقوى مِنْ بعضٍ» (٥)، وقالَ ابنُ تيميّة (ت: ٧٢٨): «العلمُ والتَّصديقُ


(١) مجموع الفتاوى ٢٠/ ٢٥٩. ونقلَ الاتَّفاقَ أيضاً السَّرخَسي (ت: ٤٨٣) في أصولِه ٢/ ١٤١.
(٢) الموافقات ١/ ٥١٩ - ٥٢١.
(٣) مجموع الفتاوى ١٩/ ٢١١. وينظر: منهاج السنّةِ النّبويّة ٥/ ٩١.
(٤) مختصر الصواعق المرسلة (ص: ٥٧٦).
(٥) العُدَّة ١/ ٨٣. وينظر: المستصفى ١/ ١٣٣.

<<  <   >  >>