للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتفاضَلُ ويتفاوَتُ كما يتفاضَلُ سائرُ صِفاتِ الحَيِّ» (١)؛ ولذلك قد يعرِضُ لكلٍّ مِنهما ما يُصيِّرُه بمنزلةِ الآخرِ. (٢)

الرّابعَةُ: أنَّ مُجرَّدَ ورودِ الاحتمالِ بلا دليلٍ لا أثرَ له في الحُكمِ بقَطعيَّةِ الدَّليلِ أو ظَنيَّتِه، قالَ ابنُ قدامةَ (ت: ٦٢٠): «لو فُتِحَ بابُ الاحتمالِ لبطلَت الحُجَجُ؛ إذْ ما مِنْ حُكمٍ إلّا يُتصوَّرُ تقديرُ نَسخِه ولم يُنقَلْ، وإجماعُ الصّحابةِ يُحتملُ أن يكونَ واحدٌ مِنهم أضمرَ المُخالفةَ وأظهرَ المُوافقةَ لسبَبٍ، أو رجعَ بعد أن وافقَ، والخبرُ يُحتملُ أن يكونَ كذِباً. فلا يُلتفَتُ إلى هذه الاحتمالاتِ» (٣)، وقالَ ابنُ تيميّة (ت: ٧٢٨): «ولا عبرَةَ بالاحتمالِ؛ فإنَّه إذا لم يَنشأ عن دليلٍ لم يُعتبَرْ، وإلا لم يوثَقْ بمَحسوسٍ» (٤).

الخامسةُ: أنَّ العلمَ بهذا التَّقسيمِ والإحاطةَ به له أكبرُ الأثرِ في دفعِ التَّعارضِ بين الأدلَّةِ، والتَّرجيحِ بينها، ومِن هذا البابِ ظهرَ أثرُ هذا التَّقسيمِ في تفسيرِ ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) ، حيث يعتبرُ قوَّةَ ثُبوتِ الدَّليلِ، وقوَّةَ دلالتِه على المعنى، في الاستدلالِ به على المعاني، ويظهرُ ذلك أكثرَ ما يكونُ في مواضِعِ تعارُضِ الأدلَّةِ، والتَّرجيحِ بينها، على ما سيأتي بيانُه بحولِ الله.


(١) مجموع الفتاوى ٧/ ٥٦٤.
(٢) ينظر: البرهان ٢/ ٦٣، وبدائع الفوائد ٣/ ١٢٧٧، والقطع والظنُّ عند الأصوليين ١/ ١٣٧.
(٣) نزهة الخاطر العاطر ١/ ٣٠٨.
(٤) شرح الكوكب المنير ١/ ٢٩٢. وينظر: الصواعق المرسلة ٢/ ٦٣٣، والقطع والظنُّ عند الأصوليين ١/ ٢٥.

<<  <   >  >>