للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ عمّا لا يعلَمُه إلا اللهُ مِنْ التَّفسيرِ: «وذلك ما فيه مِنْ الخبرِ عن آجالٍ حادثةٍ، وأوقاتٍ آتيةٍ؛ كوَقتِ قيامِ السّاعةِ، والنَّفخِ في الصّورِ، ونزولِ عيسى بن مريمَ، وما أشبهَ ذلك، فإنَّ تلك أوقاتٌ لا يعلمُ أحدٌ حدودَها، ولا يَعرفُ أحدٌ مِنْ تأويلِها إلا بالخبرِ عن أشراطِها؛ لاستئثارِ الله بعلمِ ذلك على خَلقِه» (١).

ثُمَّ علَّقَ على القسمِ الباقي: (ما لا يُعذَرُ أحدٌ بجَهالتِه)، بقَولِه: «وهذا الوَجهُ الرّابعُ الذي ذكرَه ابنُ عباسٍ مِنْ أنَّ أحداً لا يُعذرُ بجهالَتِه، معنىً غيرُ الإبانةِ عن وجوهِ مطالبِ تأويلِه، وإنَّما هو خبرٌ عن أنَّ مِنْ تأويلِه ما لا يجوزُ لأحدٍ الجَهلُ به» (٢)؛ لأنَّ هذا النَّوعَ مُنتشرٌ في باقي الأنواعِ وليس قسيماً لها.

وقد يُخالفُ ابنُ جرير (ت: ٣١٠) ذلك التَّرتيبَ لغَرَضٍ؛ ومثالُ ذلك تأخيرُه للمعنى اللغويِّ بعدَ ذكرِ أقوالِ السَّلفِ في الآيةِ؛ ليكون أصلاً لِرَدِّ ما خرَجَ عنه من الأقوالِ، وسبيلاً للتأليفِ والجمعِ بينها، لكنَّه يُتبِعُ ذلك بأدلَّةِ النَّقلِ والنَّظرِ؛ سواءً لإبطالِ بعضِ الأقوالِ، أو لتَرجيحِ المعنى المُختارِ، كما في تفسيرِ (الحَصيرِ) في قولِه تعالى ﴿وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا﴾ [الإسراء: ٨]، حيثُ ذكر اختلافَ أهلِ التأويلِ، ثُمَّ وجَّهَ أقوالَهُم لغةً، ثُمَّ قالَ: «وأصلُ ذلك كُلِّه واحِدٌ وإنْ اختلفَتْ ألفاظُه» (٣)، ثُمَّ اختارَ الأشهرَ منهما. (٤)


(١) جامع البيان ١/ ٦٨.
(٢) جامع البيان ١/ ٧٠.
(٣) جامع البيان ١٤/ ٥٠٩.
(٤) جامع البيان ١٤/ ٥٠٧ - ٥١٠. وينظر: ٦/ ٦٩٩ - ٧٠٩، ١٣/ ٣٤١، ١٤/ ٢٩٥، ١٦/ ٢٦٤، ١٧/ ٦١٩.

<<  <   >  >>