للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويشهد لهذا التَّرتيبِ الذي سارَ عليه ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠)، الأثرُ المَشهورُ عن ابنِ عباسٍ ، في بيانِ أقسامِ التَّفسيرِ، حيث يقولُ: «التَّفسيرُ على أربعةِ أَوجُهٍ؛ وَجهٌ تَعرفُه العربُ مِنْ كلامِها، وتَفسيرٌ لا يُعذَرُ أحدٌ بجَهالتِه، وتَفسيرٌ يَعلمُه العلماءُ، وتَفسيرٌ لا يعلمُه إلا الله» (١)، وقد فسَّرَ ذلك ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠)، فبيَّنَ الوَجهَ الأوَّلَ بقولِه: «ما يَعلمُ تأويلَه كلُّ ذي علمٍ باللسانِ الذي نزلَ به القرآنُ؛ وذلك إقامةُ إعرابِه، ومعرفةُ المُسَمَّياتِ بأسمائِها اللازمةِ غيرِ المُشتركِ فيها، والموصوفاتِ بصفاتِها الخاصَّةِ دون ما سواها، فإنَّ ذلك لا يَجهلُه أحدٌ مِنهم» (٢)، ثُمَّ بيَّنَ ذلك بقولِه: «والموصوفاتِ بصفاتِها الخاصَّةِ دون الواجبِ مِنْ أحكامِها وصِفاتِها وهَيْئاتِها التي خَصَّ الله بعلمِها نبيَّه ، فلا يُدركُ علمُه إلا ببيانِه، دون ما استأثرَ الله بعِلمِه دون خَلقِه» (٣).

وبيَّنَ الوَجهَ الذي يَعلمُه العلماءُ، فقالَ: «ممَّا أنزلَ اللهُ من القرآنِ على نبيِّه ما لا يوصَلُ إلى عِلمِ تأويلِه إلا ببيانِ الرسولِ ؛ وذلك تأويلُ جميعِ ما فيهِ من وجوهِ أمرِه؛ واجِبِه ونَدْبِه وإرشادِه، وصنوفِ نَهْيِه، ووظائِفِ حقوقِه، وحدودِه، ومبالِغِ فرائِضِه، ومقاديرِ اللازِمِ بعضَ خلقِه لبعضٍ، وما أشبَه ذلك مِنْ أحكامِ آيِه التي لم يُدرَك علمُها إلا ببيانِ رسولِ الله لأمَّتِه، وهذا وجهٌ لا يجوزُ لأحدٍ القولُ فيه إلا ببيانِ رسولِ الله له تأويلَه» (٤).


(١) جامع البيان ١/ ٧٠.
(٢) جامع البيان ١/ ٦٩.
(٣) جامع البيان ١/ ٧٠.
(٤) جامع البيان ١/ ٦٨.

<<  <   >  >>