للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إمكانيَّةِ وقوعِه في نَفسِ المُجتهدِ، قالَ الرّازي (ت: ٦٠٤): «لا نزاعَ في وقوعِ التَّعادلِ بحسبِ أذهانِنا» (١). وفي وقوعِه في نَفسِ الأمرِ خِلافٌ (٢)، وهو مُمتنعٌ عند مَنْ يرى أنَّ الحَقَّ واحدٌ لا يتعدَّدُ (٣)، وهو الصَّحيحُ، قالَ الشّيرازي (٤) (ت: ٤٧٦): «لا يجوزُ أن يتكافأَ دليلان في الحادثةِ، بل لا بُدَّ أن يكونَ لأحدِهما مزيَّةٌ على الآخرِ وترجيحٌ» (٥)، وقالَ ابنُ السُّبكي (٦) (ت: ٧٧١): «يمتنعُ تعادلُ القاطعَيْن، وكذا الأمارتَيْن في نَفسِ الأمر على الصَّحيحِ» (٧)، وعلَّلَ ذلك الشّاطبيُّ (ت: ٧٩٠) بقولِه: «لا يتواردُ الدَّليلان على محلِّ التَّعارضِ مِنْ وَجهٍ واحدٍ؛ لأنَّه مُحالٌ مع فَرضِ إعمالِهما فيه، فإنَّما يتواردان مِنْ وَجهَيْن، وإذْ ذاك يرتفعُ التَّعارضُ ألبتَّةَ» (٨).


(١) المحصول ٢/ ٤٣٦. وينظر: التَّمهيد، للإسنوي (ص: ٥٠٥)، ونهاية السّول ٤/ ٤٣٣.
(٢) ينظر: التَّعارض والتَّرجيح بين الأدلةِ الشَّرعية ١/ ٤٨، والتَّعارض والتَّرجيح عند الأصوليين (ص: ٦٢).
(٣) وهو قولُ جماهيرِ العلماءِ، وهو الصَّوابُ، وينظر في تفصيلِ الأدلَّةِ وقائليها: القَطعُ والظَّنُّ عند الأصوليّين ٢/ ٥٢٢ - ٥٥٨.
(٤) إبراهيم بن عليّ بن يوسف الفِيروزاباديّ، أبو إسحاقَ الشّيرازيّ، الإمامٌ المُجتهدٌ القُدوةٌ، صنَّف: المهذَّبَ، واللُّمع، وغيرها، مات سنة (٤٧٦). ينظر: السّير ١٨/ ٤٥٢، وطبقات الشّافعيّة الكبرى ٤/ ٣٥٧.
(٥) التبصرة (ص: ٥١٠). وينظر: شرح اللمع ٢/ ١٠٧١.
(٦) عبد الوهاب بن عليّ بن عبد الكافي السُّبكيّ، تاجُ الدّين أبو نصرٍ الشّافعيّ، الفقيه الأصوليُّ الأديب، صنَّف: الأشباه والنَّظائر، وغيرَه، ومات سنة (٧٧١). ينظر: الدُّرر الكامنة ٣/ ٢٣٢، وشذرات الذّهب ٨/ ٣٧٨.
(٧) جمع الجوامع ٢/ ٤٠٠. وينظر: المسودة ٢/ ٨٢٥، والموافقات ٥/ ٣٤٢، ٣٥٠.
(٨) الموافقات ٣/ ١٨٨. وينظر مِنه ٣/ ١٨٦.

<<  <   >  >>