للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - إمّا في حُكمِه بقَطعيَّةِ كلا الدَّليلَيْن.

٢ - أو في حُكمِه بوجودِ التَّعارضِ بينهما.

الثّاني: تعارضُ القَطعيِّ مع الظَّنّيِّ، ولا يُتصوَّرُ ذلك أيضاً عند عامَّةِ العلماءِ والعُقلاءِ؛ لأنَّ الظَّنَّ لا يبقى ظَنّاً إذا عارضَه القَطعيُّ، قالَ ابنُ قدامة (ت: ٦٢٠): «ولا يُتصوَّرُ أن يتعارضَ علمٌ وظَنٌّ؛ لأنَّ ما عُلمَ كيفَ يُظَنُّ خِلافُه! وظَنُّ خِلافِه شَكٌّ، فكيف يشُكُّ فيما يعلمُ!» (١)، وقالَ أبو الثَّناءِ الأصفهاني (ت: ٧٤٩): «ولا تعارضَ أيضاً بين قَطعيٍّ وظَنّيٍّ؛ لانتفاءِ الظَّنِّ بأحدِ الطَّرفَيْن عند القَطعِ بالطَّرفِ الآخرِ» (٢)، وقالَ ابنُ النَّجّارِ (٣) (ت: ٩٧٢): «ومثلُ القَطعيَّيْن في عدمِ التَّعارضِ: قَطعيٌّ وظَنّيٌّ؛ لأنَّه لا تعادلَ بينهما ولا تعارضَ؛ لانتفاءِ الظَّنِّ، لأنَّه يستحيلُ وجودُ ظَنٍّ في مُقابلةِ يَقينٍ، فالقَطعيُّ هو المَعمولُ به، والظَّنُّ لَغوٌ، ولذلك لا يتعارضُ حُكمٌ مُجمعٌ عليه مع حُكمِ آخرَ ليس مُجمعاً عليه، ويُعملُ بالقَطعيِّ دون الظَّنّيِّ» (٤)، وهذا هو حُكمُ هذا البابِ بلا خِلافٍ، قالَ الشّاطبيُّ (ت: ٧٩٠): «مُخالفةُ الظَّنّيِّ لأصلٍ قَطعيٍّ يُسقِطُ اعتبارَ الظَّنّيِّ على الإطلاقِ، وهو مِمّا لا يُختلفُ فيه» (٥).

الثّالثُ: تعارضُ الظَّنّيِّ مع الظَّنّيِّ، وقد اتَّفقوا في هذا النَّوعِ على


(١) نزهة الخاطر العاطر ٢/ ٣٩٤.
(٢) شرح المنهاج ٢/ ٧٨٩.
(٣) محمد بن أحمد بن عبد العزيز الفُتّوحيّ، ابنُ النَّجّار الحنبليّ، قاضي القُضاةِ، فقيهٌ أصوليٌّ مُتقنٌ، صنَّف: منتهى الإرادات، وغيرَه، ومات سنة (٩٧٢). ينظر: شذرات الذّهب ١٠/ ٥٧١، والسُّحب الوابلة ٢/ ٨٥٤.
(٤) شرح الكوكب المنير ٤/ ٦٠٨.
(٥) الموافقات ٣/ ١٨٨. وينظر مِنه ٣/ ١٨٦.

<<  <   >  >>