للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّقليَّةِ مِنها والعقليَّةِ، كما هو ظاهرٌ مِنْ قولِه في النَّصِّ السّابقِ: «فأمّا وهما جائِزٌ اجتماعُ حُكمَيْهما على الصِحَّةِ فغيرُ جائِزٍ أن يُحكمَ لإحداهما بأنَّها دافعةٌ حُكمَ الأُخرى إلا بحُجَّةٍ يجبُ التَّسليمُ لها مِنْ خبرٍ أو قياسٍ، ولا خبرَ بذلك ولا قياسَ» (١).

ثالثاً: أنَّ التَّعارضَ المُعتبرَ هو ما يكونُ بين الأدلَّةِ المُعتبرةِ، أمّا معارضةُ الأدلَّةِ المُعتبرةِ شرعاً بما ليس مُعتبراً مِنْ وجوهِ الأدلَّةِ فهو في حُكمِ المَعدومِ، ولا أثرَ له على قبولِ الدَّليلِ الشَّرعيِّ، وذلك ظاهرٌ مِنْ قولِه في النَّصِّ السّابقِ: «غيرُ جائِزٍ أن يُحكمَ لإحداهما بأنَّها دافعةٌ حُكمَ الأُخرى إلا بحُجَّةٍ يجبُ التَّسليمُ لها مِنْ خبرٍ أو قياسٍ» (٢)، وإنَّما يجبُ التَّسليمُ لها لثبوتِ حُجِّيَّتِها شرعاً.

رابعاً: لا تعارُضَ عند ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) بين أدلَّةِ المعاني -في نَفسِها أو فيما بينها- في واقعِ الأمرِ مُطلقاً، وإنَّما قد يقعُ التَّعارضُ في نظرِ المُجتهدِ. حيثُ بَيَّنَ «أنَّه غيرُ جائِزٍ أن يكون في أخبارِ اللهِ أو أخبارِ رسولِه شيءٌ يدفَعُ بعضُهُ بعضاً» (٣)، وقالَ: «وخَبَرُ الله ﷿ أصدَقُ من أن يَقَعَ فيه تناقُضٌ» (٤)، وقالَ: «غيرُ جائزٍ أن تكونَ فرائضُ الله، وسُننُ رسولِه مُتنافيةً مُتعارضةً» (٥)، وفي قولِه تعالى ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾ [النساء: ٨٢] قرَّرَ سلامةَ كتابِ


(١) جامع البيان ٦/ ٦٠١.
(٢) جامع البيان ٦/ ٦٠١.
(٣) جامع البيان ٧/ ٣٦.
(٤) جامع البيان ٨/ ٧٢١.
(٥) جامع البيان ٨/ ٢١٠.

<<  <   >  >>