للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْحَرَامَ﴾ [المائدة: ٢]؛ لإجماعِ الجميعِ على أنَّ الله جلَّ ثناؤُه قد أحلَّ قتالَ أهلِ الشِّركِ في الأشهرِ الحُرُمِ وغيرِها مِنْ شهورِ السَّنةِ كلِّها، وكذلك أجمعوا على أنَّ المشركَ لو قلَّدَ عنُقَه أو ذِراعَيْه لِحاءَ جميعِ أشجارِ الحرَمِ، لم يكُنْ ذلك له أماناً مِنْ القَتلِ، إذا لم يكُنْ تقدَّمَ له عقدُ ذِمَّةٍ مِنْ المسلمين أو أمانٌ» (١).

وبهذا يظهرُ أنَّ الأدلَّةَ حين تتعارضُ في دلالتِها، وتتساوى في درجةِ ثُبوتِها، فإنَّ ابنَ جريرٍ (ت: ٣١٠) يؤَلِّفُ بينها بحملِ معانيها على بعضٍ بوجهٍ يُعمِلُ فيه الدَّليلَيْن بلا تعارُضٍ؛ وذلك بالقَولِ بالعمومِ والخصوصِ، أو الإطلاقِ والتَّقييدِ، ونحوِهما، فإن تعذَّرَ ذلك، وتقابلت الأدلَّةُ دلالةً وثبوتاً ومحلّاً، حملَ بعضَها على زمانٍ دون زمانٍ؛ وهو النَّسخُ، فإن تعذَّرَ ذلك صارَ إلى بابِ التَّرجيحِ، وهو موضوعُ المبحثِ التّالي.


(١) جامع البيان ٨/ ٣٩. وينظر: ١/ ٤٨٠، ٧/ ٣٦، ٣٢١، ٨/ ٦٤٥، ٧٤٧، ٢١/ ٤٧٤.

<<  <   >  >>